اسم الکتاب : خلاصة القوانين المؤلف : الأنصاري، أحمد الجزء : 1 صفحة : 136
حكم العقل يدعى القطع بأن اللّه- تعالى- خاطبه بلسان العقل فكيف يجوز العمل بالظن بخطاب اللّه- تعالى- و لا يجوز العمل مع اليقين به فان كان و لا بد من المناقشة فليمنع حصول هذا القطع و ذلك بعيد عن السداد اذ لم يدل دليل على امتناعه فاذا ادعاه فكيف نكذبه نعم لا نمنع تفاوت الافهام و ندرة المواضع.
و بالجملة لا وجه للاشكال فى كون دليل العقل مثبتا للحكم الشرعى مع انه متفق عليه عند اصحابنا فانهم يصرحون فى الكتب الاصولية و الفقهية ان من ادلة الشرع هو العقل ثم يذكرون فى اقسام الادلة العقلية ما يستقل به العقل- كقضاء الدين و رد الوديعة و ترك الظلم- و ينادى بذلك قولهم فى الكتب الكلامية بوجوب اللطف على اللّه- تعالى- و تفسيرهم اللطف بما يقرب من الطاعة و يبعد عن المعصية.
و جعلوا من اللطف ارسال الرسل و انزال الكتب و ليس معنى ذلك إلّا ان العقل يدرك الاحكام الشرعية من العدل و رد الامانة و امثال ذلك.
و قد اورد على هذا القسم من الادلة العقلية وجوه من الاعتراض لا يليق كثير منها بالذكر و اقواها امور:
احدها قوله- تعالى-: «وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا». فانها تدل على نفى التعذيب الا بعد بعث الرسول و تبليغه فلا يكون ما حكم العقل بوجوبه او حرمته واجبا او حراما شرعيا. و رد بأن الواجب ما يستحق تاركه العقاب و الحرام ما يستحق فاعله العقاب و لا ملازمة بين الاستحقاق و فعلية الجزاء.
و التحقيق فى الجواب عن الآية انها من قبيل قوله- تعالى-: «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ». «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها».- و نحو ذلك-. فالمراد- و اللّه يعلم- و ما كنا معذبين حتى نتم الحجة، و لا ريب ان- مع ادراك العقل- الحجة تمام او نقول: الرسول اعم من الرسول الباطن كما ورد ان للّه- تعالى- حجتين. حجة
اسم الکتاب : خلاصة القوانين المؤلف : الأنصاري، أحمد الجزء : 1 صفحة : 136