حرمتها و إن كانت طاهرة، للإجماع و مفهوم المرسل كل شيء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة فكل ذلك حلال طيب انتهى. و أما لبن الإنسان فمحل إشكال عند القوم و إن كان الأحوط تركه.
ضرر الاضطرار
الاضطرار في اللغة تحمل الضرر و المضطر مفتعل من الضرّ و أصله مضترر أدغمت الراء و قلبت التاء طاء لأجل الضاد فالمضطر من أحوجه المرض أو الفقر أو النازلة إلى ارتكاب فعل أو ترك يكرهه باطنا و لا يرتضى به قلبا، و يفترق من الإكراه جوهريّا بكونه أعم منه فإن الحامل على الفعل في الإكراه الإنسان الذي تعلقت إرادته بصدور العمل من المكره و الحامل في الاضطرار أعم منه و من كل حادثة أو نازلة توجهت إليه من إنسان أو غيره.
ثم إنه ليس للكلمة مصطلح خاص شرعي أو متشرعي بل هي بمعناها اللغوي و العرفي قد وقعت موضوعا للحكم في الشريعة و موردا للبحث في الفقه فذكروا أن الاضطرار من العناوين الثانوية الرافعة للأحكام الأولية، و أرادوا بذلك أنه إذا انطبق عنوان الاضطرار على فعل حرام بعنوانه الأولي ارتفعت حرمته و حلت للمضطر، كما إذا اضطر إلى شرب الخمر أو تناول الميتة و الدم و ذبائح الكفار و نحو ذلك، و إذا انطبق على ترك واجب جاز الترك كالاضطرار إلى ترك الصيام و الغسل و الوضوء و غيرها و موارد ذلك في الشرع كثيرة.
ثم إنهم ذكروا أن بين عنوان الإكراه و الاضطرار فرقا حكميا و هو أن الإكراه كما يرتفع به الأحكام التكليفية من الوجوب و الحرمة يرتفع به الأحكام الوضعية أيضا كالصحة في العقود و الإيقاعات كما ذكر تحت عنوان الإكراه، و لا يرتفع بالاضطرار الوضع، فإذا اضطر المكلف إلى بيع داره أو طلاق زوجته لا يكون ذلك سببا لبطلان العقد، و ذكروا أن السر في ذلك كون النصوص الحاكمة بالرفع بواسطة العناوين الثانوية كلها واردة مورد الامتنان كارتفاع التكليف بالخطإ و النسيان و الجهل و الإكراه، و مقتضاه صحة العقود و الإيقاعات إذا اضطر إليها المكلف لان رفعها ليس امتنانا بل تشديدا للاضطرار و راجع في ذلك عنوان الإكراه.