اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 212
حكيناه آنفاً. فيتعين فيها التأويل، أو الحمل على التقيّة؛ فإنّ العامّة و إن اختلفوا في المسألة على قولين [1]، إلّا أنّ المشهور بين قدمائهم هو القول بالطهارة. و قد حكي ذلك أيضاً عن جماعة من الصحابة و التابعين. قال العلّامة في المنتهى: «و هو (أي: عدم نجاسة القليل بالملاقاة) مرويّ عن حذيفة، و ابن عباس، و أبي هريرة، و سعيد بن المسيب، و الحسن، و عكرمة، و عطاء، و طاووس، و جابر بن زيد، و ابن أبي ليلى، و مالك، و الأوزاعي، و الثوري، و داود، و ابن المنذر. و للشافعي قولان، و عن أحمد روايتان» [2].
و القائلون بالنجاسة، كأبي حنيفة و أتباعه، اختلفوا في تحديد الكثير على أقوال [4]، لا يوافق شيء منها التحديد بالكرّ على ما ذهب إليه الأصحاب، و من ثَمّ شنّعوا على أصحابنا بانفرادهم فيما ذهبوا إليه من التحديد. و حاول السيّد المرتضى (رحمه الله) في الانتصار [5] دفع ذلك عنهم بموافقة الحسن بن صالح بن حي لهم في أصل الكرّ، و إن خالفهم في تحديده، فإنّ الكرّ عنده ثلاثة آلاف رطل، و لم يقل بذلك أحد من الأصحاب.
و قد تبيّن من ذلك أنّ الأخبار الدالّة على نجاسة القليل مخالفة للمشهور بين أهل الخلاف، و ما تضمّن منها التحديد بالكرّ مخالف لجميع أقوالهم، فيحمل ما خالفها على