responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 26

فصل [قصور الفهم عن إدراك مرتبة أمير المؤمنين (عليه السلام)‌]

و كيف أنكروه، و ما عرفوه، و بمجرّد السمع له ردّوه، و هو لعمري غرّة فخر الأنوار، و درّة بحر الأسرار و زبدة مخض الأسرار و معرفة أسرار الجبّار، لأنه النهج الأسلم، و الاسم الأعظم، و الترياق الأكبر، و الكبريت الأحمر، و لكن ذا المذاق الوثي، و الصدر الشجي، لا يفرق بين الحنظل و السكر.

و لمّا كانت الموهبة من الكلم‌ [1] المخزون أنكرتها العقول لقصورها عن ارتقاء عالي قصورها، و صعقت عند سماع نفخة صورها، فالغالي و القالي هلكا في بحر الإفراط و التفريط، و التالي و الموالي وقفا عند ظاهر التشكيك و التخليط. فالقالي حجبه عن نورهم العالي ظلمة الكبر و الحسد، و الغالي تاه في تيه أسرارهم فضلّ عن سبيل الرشد، و التالي قاسهم بالبشر فوقف عن أسرارهم و قعد، و العارف نظر إلى ما فضلوا به من المواهب الإلهية فعرف أنّهم سرّ الواحد الأحد، و أن ظاهرهم باطن الخلائق، و باطنهم عين الحقائق، و غيب الإله الخالق، فعلم من قوله تعالى: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ [2]، فهم مفاتح غيب اللّه التي لا يعلم فضلها و سرّها إلّا اللّه، و إن رفيع شرفهم لا تنال أيدي العقول علاه، و خفي سرّهم لا تدرك الأفهام و الأوهام معناه، و لهذا قيل في الحكمة: لا تحدّث الناس بما يسبق إلى العقول إنكاره، و إن كان عندك اعتذاره، فليس كل من أسمعته نكرا يوسعك منه عذرا، و ليس كل ما يعلم يقال، و لا كل ما يقال تجد له رجال. و قال ابن عبّاس للنبي (صلّى اللّه عليه و آله): يا رسول اللّه أ أحدث بكل ما أسمع؟ فقال: نعم إلّا أن يكون حديثا لا تبلغه العقول، فيجد السامع منه ضلالة و فتنة.


[1] الصعب المستصعب (خ. ل).

[2] الأنعام: 59.

اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست