اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 25
أو كما قيل:
حاسد يعنيه حالي * * * و هو لا يجري ببالي
قلبه ملآن مني * * * و فؤادي منه خالي
و غير ملومين في الإنكار لأنه صعب مستصعب، لا يحتمله إلّا نبي مرسل أو ملك مقرّب، أو مؤمن قد امتحن اللّه قلبه للإيمان [1]، و إذا ردّ المنافق أسرار علي (عليه السلام) لبغضه، و ردّها الموافق بجهله بعد ما نقل أنّه صعب مستصعب فإن كان يعلمه فما هو الصعب المستصعب، و إن لم يعرفه فكيف شهد على نفسه أنّه ليس بمؤمن ممتحن، فهلّا صمت فسلم، أو قال إن علم، فمن وجد فؤاده عند الامتحان، ورود نسمات أسرار ولي الرحمن، قد اشمأز و قشعر، و مال عن التصديق و أزور، فذاك بعيد عن الإيمان، قريب من الشيطان، لأن حبّ علي (عليه السلام) هو المحك بلا شك، فمن تخالجته الشكوك فيه فليسأل أمّه عن أبيه [2]، من نقص جوهره عن العيار، فليس له مطهر إلّا النار، و إنّما دعاهم إلى الإنكار الجهل و الحسد، و حب الدنيا التي حبّها رأس كل خطيئة، و الميل مع النفس و الهوى، و من يتّبع الهوى فقد هوى، لأنّ هذه النفس الإنسانية هي التي تحب أن تعبد من دون اللّه و أن لا ترى الفخر و السؤدد إلّا لها، و أن ترى الكلّ عبيدا لها، لأنّها سلسلة الشيطان التي بها يتدلّى إلى هذا الحرم الربّاني، و إليها الإشارة بقوله و أجريته مجرى الدم منّي، و لذلك قال (عليه السلام) «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك» [3] و في النقل أن اللّه تعالى لما خلق النفس ناداها من أنا؟ فقالت النفس: فمن أنا؟
فألقاها في بحر الرجوع الباطن حتى وصلت إلى الألف المبسوط و خلصت من رذائل دعوى الأنانية الأينية و رجعت إلى نشأتها، ثم ناداها: من أنا؟ فقالت: أنت الواحد القهّار [4]، و لهذا قال: «اقتلوا أنفسكم فإنّها لا تدرك مقاماتها إلّا بالقهر» [5].
[1] كما في الأحاديث، راجع بحار الأنوار: 25/ 366 ح 7 و بصائر الدرجات: 26 ح 1 و ما بعده.
[2] روي أن مبغضه ابن زنا أو حيضة، راجع إرشاد القلوب: 2/ 433، و ترجمة علي من تاريخ دمشق: 2/ 224.