اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 27
و قال رجل للصادق (عليه السلام): أخبرني لما ذا رفع النبي عليّا على كتفه؟ قال: ليعرف الناس مقامه و رفعته. فقال: زدني يا ابن رسول اللّه. فقال: ليعلم الناس أنّه أحق بمقام رسول اللّه. فقال:
زدني. فقال: ليعلم الناس أنّه إمام بعده و العلم المرفوع. فقال: زدني. فقال: هيهات و اللّه لو أخبرتك بكنه ذلك لقمت عنّي و أنت تقول إنّ جعفر بن محمد كاذب في قوله أو مجنون.
و كيف يطلع على الأسرار غير الأبرار. و قال علي بن الحسين (عليهما السلام):
إني لأكتم من علمي جواهره * * * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
و قد تقدم في هذا أبو حسن * * * إلى الحسين و أوصى قبله الحسنا [1]
و لا غرو فقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول للملإ من قريش: قولوا لا إله إلّا اللّه. فيقولون، ثم يقول: اشهدوا أنّي محمّد رسول اللّه، فيشهدون، ثم يقول: صلّوا إلى هذه البنية، فيصلّون، ثم يقول: صوموا رمضان في الهواجر، فيصومون، ثم يأمرهم بإخراج الزكاة فيخرجون، ثم يقول: حجّوا و اعتمروا، فيحجّون و يعتمرون، ثم يدعوهم إلى الجهاد و ترك الحلائل و الأولاد، فيجيبون. ثم يقول: إنّ عليا وليّكم بعدي، فيعرضون، و لا يسمعون، فيناديهم بلسان التوبيخ و هم لا يسمعون: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ[2]، ثم يتلو عليهم مناديا و هم لا يشعرون: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ[3].
و يؤيّد هذه القواعد: ما رواه الحسن بن محبوب عن جابر بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): يا علي أنت الذي احتجّ اللّه بك على الخلائق حين أقامهم أشباحا في ابتدائهم و قال لهم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى. فقال: و محمّد نبيّكم، قالوا: بلى.
قال: و علي إمامكم. قال: فأبى الخلائق جميعا عن ولايتك و الإقرار بفضلك و عتوا عنها استكبارا إلّا قليلا منهم و هم أصحاب اليمين و هم أقل القليل، و إن في السماء الرابعة ملكا يقول في تسبيحه: سبحان من دلّ هذا الخلق القليل من هذا العالم الكثير، على هذا الفضل
[1] غرر البهاء الضوي: 318، و جامع الأسرار: 35 و الأصول الأصيلة: 167 و فيه زيادة:
يا ربّ جوهر علم لو أبوح به * * * لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا
و لاستحلّ رجال مسلمون دمي * * * يرون أقبح ما يأتونه حسنا