اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 45
(1) - (و الثاني) أن يكون فعلا من نسيت لأن الشيء إذا أخر فكأنه نسي (و الثالث) و في الصيغة أن يكون أراد النسيء على فعيل ثم خفف و أدغم فصار النسي ثم قصر فعيلا بحذف يائه فصار نسي ثم أسكن عين فعل فصار نسي كما قيل في سميح سمح و في رطيب رطب و في جديب جدب فأما قوله «يُضَلُّ» فليس في يضل إشكال و لا في يضل لأن المضل لغيره ضال بفعله إضلال غيره فأما يضل فالمعنى فيه أن كبراءهم و أشرافهم يضلونهم بحملهم على هذا التأخير في الشهور و قرئ في الشواذ يضل بفتح الياء و الضاد و هذه لغة أعني ضللت أضل
اللغة
قال أبو زيد نسأت الإبل في ظمئها يوما أو يومين أو أكثر من ذلك و المصدر النسيء يقال نسأت الإبل عن الحوض أنسأها نساء إذا أخرتها عنه و المواطاة الموافقة يقال واطأ في الشعر إذا قال بيتين على قافية واحدة و أوطأ مثله .
ـ
المعنى
لما قدم سبحانه ذكر السنة و الشهر عقبه بذكر ما كانوا يفعلونه من النسيء فقال «إِنَّمَا اَلنَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي اَلْكُفْرِ» يعني تأخير الأشهر الحرم عما رتبها الله سبحانه عليه و كانت العرب تحرم الشهور الأربعة و ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم و إسماعيل و هم كانوا أصحاب غارات و حروب فربما كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه و يستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانا ثم يزول التحريم إلى المحرم و لا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة قال ابن عباس و معنى قوله «زِيََادَةٌ فِي اَلْكُفْرِ» أنهم كانوا أحلوا ما حرم الله و حرموا ما أحل الله قال الفراء و الذي كان يقوم به رجل من كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة و كان رئيس الموسم فيقول أنا الذي لا أعاب و لا أخاب و لا يرد لي قضاء فيقولون نعم صدقت أنسئنا شهرا أو أخر عنا حرمة المحرم و اجعلها في صفر و أحل المحرم فيفعل ذلك و الذي كان ينساها حين جاء الإسلام جنادة بن عوف بن أمية الكناني قال ابن عباس و أول من سن النسيء عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف و قال أبو مسلم بن أسلم بل رجل من بني كنانة يقال له القلمس كان يقول إني قد نسأت المحرم العام و هما العام صفران فإذا كان العام القابل قضينا فجعلناهما مجرمين قال شاعرهم:
"و ما ناسئ الشهر القلمس "
و قال الكميت :
و نحن الناسئون على معد # شهور الحل نجعلها حراما
و قال مجاهد كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين و كذلك في الشهور حتى وافقت الحجة
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 45