اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 415
(1) - الإخفاء لا يبين فيه الحرف المخفي كما أن الإدغام لا يبين فيه الحرف المدغم بيانه في غير الإدغام فلما وافق النون المدغم في هذا الوجه أستجيز حذفه من الخط و من ذهب إلى أن النون الثانية مدغمة في الجيم فقد غلط لأنها ليست مثل الجيم و لا مقاربة لها و إذا خلا الحرف من هذين الوجهين لم يدغم فيما اجتمع معه و من قرأ فنجي فإنه أتى على لفظ الماضي لأن القصة ماضية و يقوي ذلك أنه عطف عليه فعل مسند إلى المفعول به و هو قوله «وَ لاََ يُرَدُّ بَأْسُنََا عَنِ اَلْقَوْمِ اَلْمُجْرِمِينَ» و لو كان ننجي مسندا إلى الفاعل كقول من خالفه لكان لا نرد بأسنا أشبه ليكون مثل المعطوف عليه و من قرأ «تَصْدِيقَ اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ» و ما بعده بالرفع فيكون التقدير لكن هو تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شيء فحذف المبتدأ و بقي الخبر.
اللغة
استيئس بمعنى يئس كأنه طلب اليأس لعلمه بامتناع الأمر و البأس الشدة و هو شدة الأمر على النفس و منه البؤس الفقر و منه لا بأس عليك و القصص الخبر يتلو بعضه بعضا من أخبار من تقدم و العبرة الدلالة التي تعبر إلى البغية و الألباب العقول واحدها لب و إنما سمي بذلك لأنه أنفس شيء في الإنسان و لب كل شيء خياره .
المعنى
ثم أخبر سبحانه و تعالى عن حال الرسل مع أممهم تسلية للنبي ص فقال «حَتََّى إِذَا اِسْتَيْأَسَ اَلرُّسُلُ» و هاهنا حذف يدل الكلام عليه و تقديره إنا أخرنا العقاب عن الأمم السالفة المكذبة لرسلنا كما أخرناه عن أمتك يا محمد حتى إذا بلغوا إلى حالة يأس الرسل عن إيمانهم و تحقق يأسهم بإخبار الله تعالى إياهم «وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا» أي تيقن الرسل أن قومهم كذبوهم تكذيبا عاما حتى أنه لا يصلح واحد منهم عن عائشة و الحسن و قتادة و أبي علي الجبائي و من خفف فمعناه ظن الأمم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم من نصر الله إياهم و إهلاك أعدائهم عن ابن عباس و ابن مسعود و سعيد بن جبير و مجاهد و ابن زيد و الضحاك و أبي مسلم و قيل يجوز أن يكون الضمير في ظنوا راجعا إلى الرسل أيضا و يكون معناه و علم الرسل أن الذين وعدوهم الإيمان من قومهم أخلفوهم أو كذبوا فيما أظهروه من الإيمان و روي أن سعيد بن جبير و الضحاك اجتمعا في دعوة فسئل سعيد بن جبير في هذه الآية كيف يقرأها فقال «وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا» بالتخفيف بمعنى و ظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم فقال الضحاك ما رأيت كاليوم قط لو رحلت في هذه إلى اليمن لكان قليلا و روى أبي مليكة عن ابن عباس قال كانوا بشرا فضعفوا و يئسوا و ظنوا أنهم قد أخلفوا ثم تلا قوله تعالى «حَتََّى يَقُولَ اَلرَّسُولُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتىََ نَصْرُ اَللََّهِ» الآية و هذا بعيد و قد بينا ما فيه
اسم الکتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة المؤلف : الشيخ الطبرسي الجزء : 5 صفحة : 415