اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 42
4 - الوَهْمُ والتَصحِيف .
كثيراً ما يَشتبه الرواة في نقل الحديث ، إذا حَدَّثوا من مَرويَّاتِهم ، أو الغَلط والتصحيف ، إذا نقلوا من الكُتب ؛ ولذلك أعتبر المُحدِّثون أنّ أفضل طريقة لتَحَمّل الحديث ، هو السَماع من الشيخ ، أو القراءة عليه ، للأمنِ من هذه الاشتباهات ، وخصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار ، أنّ كثيراً من النُسَّاخِ يَجهلون اللسان العربي ، فلا يُفرِّق بين المَرفوعِ والمَنصوب ، ولا يعرف اللُغة ومَجازاتِها ، مّما يُسبِّب الخطأ في نقل الحديث .
5 - الوَضْع .
الحديث الموضوع ـ في اصطلاح المُحدِّثين ـ هو : ما نُسِبَ إلى المعصوم ، مّما لم يَقلْه أو يَفعله ، أو يُقِرّه ، وهو من أهمِّ أسباب النقد .
وهناك أسباب كثيرة للوَضعِ ، يُمكن أن نُجملها فيما يلي :
أ - العامِل السياسي .
والمقصودُ بذلك هو : الاستفادة من حديث المعصوم (عليه السلام) في تَدعِيم سُلطة مُعيَّنة ، بإسباغِ نوعٍ من الشرعيّة عليها ، من خلال الإشادَةِ بمَلِكِها ، ومَدح قادَتها ، وذلك بأقوالٍ ينسبونها زُوراً وبهتاناً إلى الرسول الأكرم .
وقد استفادَ الأمَويّون ـ وخصوصاً في زمن معاوية ـ من هذه الوسيلة ، في سبيلِ تَوطِيد سُلطانِهم ، وإحكَامِ سَيطرتِهم ، وإسباغ نَوعاً من الشرعيّة على مُلْكِهم ، الّذي حصلوا عليه عن طريق المَكيَدَة والخُداع والدَهاء .
وقد كان بأمسِّ الحاجةِ إلى هذا الأمر ، بِسَبَبِ ماضيه السيّئ في مُحارَبَة الإسلام والمسلمين .
ولم يكن صَعباً على معاوية أن يَجدَ بين المسلمين مَن يَبِيع دِينه ، بوَضعِ الأحاديث ، ونسبتها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقد روى البعض عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) ، أنّه قال : ( لَيَلِيَّنّ بعض مَدائن الشام رجل عزيز منيع ، هو منّي وأنا منه ، فقال : مَن هو يا رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) بقَضِيبٍ كان في يَدِه في قفا معاوية : هو هذا ) [82] .
وقال
اسم الکتاب : مباني نقد متن الحديث المؤلف : البيضاني، قاسم الجزء : 1 صفحة : 42