و أمّا بقاء المهدي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) فقد جاء في الكتاب و السنّة:
أمّا الكتاب؛ فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عزّ و جلّ: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال: هو المهدي من عترة فاطمة. و أمّا من قال أنّه عيسى (عليه السلام) فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للإمام على ما تقدّم، و قد قال مقاتل بن سليمان و من شايعه من المفسّرين في تفسير قوله عزّ و جلّ: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ قال: هو المهدي يكون في آخر الزمان، و بعد خروجه يكون قيام الساعة و أماراتها.
و أمّا السنّة؛ فما تقدّم في كتابنا هذا من الأحاديث الصحيحة الصريحة.
و أمّا الجواب عن طول الزمان فمن حيث النص و المعنى:
أمّا النص؛ فما تقدّم من الأخبار على أنّه لا بدّ من وجود الثلاثة في آخر الزمان، و أنّهم ليس فيهم متبوع غير المهدي بدليل أنّه إمام الامّة في آخر الزمان، و أنّ عيسى (عليه السلام) يصلّي خلفه كما ورد في الصحاح و يصدّقه في دعواه، و الثالث هو الدجّال اللعين و قد ثبت أنّه حيّ موجود.
و أمّا المعنى في بقائهم؛ فلا يخلو من أحد قسمين: إمّا أن يكون بقاؤهم في مقدور اللّه تعالى أو لا يكون، و مستحيل أن يخرج من مقدور اللّه تعالى لأنّ من بدأ الخلق من غير شيء و أفناه ثمّ يعيده بعد الفناء لا بدّ أن يكون البقاء في مقدوره تعالى، فلا يخلو من قسمين: إمّا أن يكون راجعا إلى اختيار اللّه تعالى أو إلى اختيار الامّة، و لا يجوز أن يكون راجعا إلى اختيار الامّة لأنّه لو صحّ ذلك منهم لجاز لأحدنا أن يختار البقاء لنفسه و لولده، و ذلك غير حاصل لنا غير داخل تحت مقدورنا، و لا بدّ أن يكون راجعا إلى اختيار اللّه سبحانه.
ثمّ لا يخلو بقاء هؤلاء الثلاثة من قسمين أيضا: إمّا أن يكون لسبب أو لا يكون لسبب؛ فإن كان لغير سبب كان خارجا عن وجه الحكمة، و ما يخرج عن وجه الحكمة لا يدخل في أفعال اللّه تعالى، فلا بدّ من أن يكون لسبب تقتضيه حكمة اللّه تعالى.
قال: و سنذكر سبب بقاء كلّ واحد منهم على حدّته:
اسم الکتاب : كشف الغمة في معرفة الأئمة المؤلف : المحدث الإربلي الجزء : 2 صفحة : 988