و قد تصدّى للردّ على هؤلاء المدّعين للرضا: الحافظ علي محمّد فتح الدين الحنفي (ت 1371 ه) في كتابه (فلك النجاة) ببيان رائع، و تفصيل جامع، قال:
و أمّا إرضاء أبي بكر فاطمة (عليها السلام) ليس بسديد لوجوه:
أحدها: الإغضاب متّفق عليه، و الإرضاء مختلف فيه و غير مسلّم، فالمتّفق عليه لا يسقط عن الاحتجاج إلّا بمثله.
ثانيها: ثبوت هجرانها و عدم تكلّمها به حتّى ماتت.
ثالثها: وصيّتها لعلي (عليه السلام) بعدم الإذن لأبي بكر للحضور على جنازتها، و لم يصلّ أبو بكر عليها.
و رابعها: قولها (عليها السلام): «أشكو إلى النبي» كما مرّ في الإمامة و السياسة.
و خامسها: أنّ رواية السخط مذكورة في الصحيحين، و رواية الرضا في البيهقي، و من المسلّمات أنّ رواية الصحيحين أوثق من غيرهما عندهم، كما في (جامع الأصول): النوع الأوّل من المتّفق: اختيار الإمامين أبي عبد اللّه البخاري، و أبي الحسن مسلم، و هو الدرجة العليا من الصحيح.
فثبت أنّ رواية الرضا ساقطة عن الاعتبار، لأنّ السخط متقّين، و هو لا يزول بالشكّ، كما هو مبرهن في مقامه [2].
و على كلّ حال: فكما أنّ الخليفة لم ينجح في كسب رضا الزهراء (عليها السلام)، كذلك لم ينجح أتباعه و مروّجو مذهبه في تأويلهم لغضب فاطمة (عليها السلام)، بل دلّ ذلك على دركهم خطورة غضبها و ما فيه من الوبال و الخسران لمن غضبت عليه سيّدة نساء