اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 515
و قد تصدّى أجلّة علمائنا الأبرار لتفسيرها بما لا يتنافى مع سنّة التوارث، و ذلك إنّ الكلمة يمكن قرائتها بنحوين:
الأوّل: بالنصب: (ما تركناه صدقة) على أنّها حال لقول (ما تركناه).
و على هذه القراءة تكون كلمة (صدقة) راجعة إلى كلمة (ما) و المعنى: إنّ كلّ شيء تصدّقنا به قبل الوفاة فلا نورّثه، أو: إنّا لا نورّث شيئا كنّا قد تصدّقنا به.
و معنى الصدقة حينئذ هو: ما تصدّق به الميّت قبل الوفاة، و هذا الحكم يشمل كلّ من يتصدّق بشيء ثمّ يموت، فإنّ ما تصدّق به لا يرثه الورثة، لخروجه عن ملك المتصدّق بالصدقة قبل الوفاة.
و عليه: فيكون معنى الحديث: أنّ غير ما تصدّق به النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يرثه أهله و ولده.
و هذا النحو يوافق ما جاءت به الشريعة، و هو الذي عليه جميع المسلمين.
الثاني: بالرفع (ما تركناه صدقة) على أنّها خبر للكلمة (ما).
و معناه: أنّ كلّ ما خلّفناه بعد الموت فهو صدقة، أو أنّ التركة التي يخلّفها النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بعد وفاته هي من بعده صدقة.
و هذا مخالف لعموم القرآن الكريم، و نصوص السنّة النبوية.
و لا شكّ أنّ الأخذ بما وافق الكتاب فيه الرشد و الصواب، و هو الأولى بالاتّباع، و يترك ما خالف الكتاب و السنّة المطهّرة.
و قد ذكر الشيخ المفيد رحمه اللّه وجوها و مقاطع من النقض و الإبرام، منها قال:
إنّ للخبر لفظا آخر، لم يرد فيه احتمال النصب، و هو:
(نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه، فهو صدقة) و قد جعل بعض العامّة هذا اللفظ دليلا على صحّة الرفع في اللفظ السابق، و بطلان التأويل المبتني على النصب.
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 515