اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 514
قالت: مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لم يوص!
بل قالوا: قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لم يوص، و قبض أبو بكر و أوصى [1].
و لنا أن نسأل، فنقول: إن كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لم يوص بشيء قطّ، فكيف ادّعى أبو بكر أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أوصى بتركته للمسلمين في قوله: ما تركناه صدقة.
و إذا كان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قد نهى أن يبيت أحد بلا وصية، فكيف مات هو (صلّى اللّه عليه و آله) و لم يوص؟!
و إن صحّ أنّه أوصى بتركته للمسلمين، فلماذا لم يوص بالمسلمين أنفسهم، بأن يجعل لهم خليفة، و يعصمهم بذلك من الانقلاب و الخلاف؟!
و العجب من ابن حزم، حينما نقل قول أبي بكر (لا نورث ما تركناه صدقة) قال: و هذه وصيّة صحيحة بلا شكّ، لأنّه أوصى بصدقة كلّ ما يترك إذا مات، و إنّما صحّ الأثر بنفي الوصية التي تدّعيها الرافضة إلى عليّ فقط [2].
أقول: و هذا الكلام ممّا يضحك الثكلى! و غريب وقوع مثله من ابن حزم؟
إذ كيف يشفق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على أمّته من الفقر؟ و لا يشفق عليها من الضلال و الكفر، و قد وصفه اللّه تعالى بأنّه حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أتراه يحرص على الأمّة من الفقر؟ و لا يحرص عليها من الضلال؟ امن حرصه أنّه يهديهم إلى اللّه تعالى و يعلّمهم و يزكّيهم ثمّ يدعهم و يتركهم بلا إمام هاد؟
رابع عشرين: وقفة في إعراب «صدقة»:
و لابدّ أن نقف قليلا حول كلمة (صدقة) في حديث أبي بكر، فإنّ للحركة الإعرابية في هذه الكلمة أثرا بالغا و تحوّلا كبيرا في معنى الحديث و مؤدّاه.