اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 501
الأولى: أنّ المراد من إرث العلماء من الأنبياء هو: الإرث المعنوي الروحي الديني و هو: العلم و السنن.
الثانية: إنّ الإرث المنفي في قوله «إنّ الأنبياء لم يورثوا درهما و لا دينارا» إنّما هو بالنسبة للعلماء فقط، أمّا الأولاد و الأرحام فلم يرد ذكرهم في الحديث و لا كان النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بصددهم.
و يشهد لذلك ذيل الحديث: «و إنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم» و «لكن ورّثوا العلم ...» و لا معنى أن يكون الأنبياء يورّثون أولادهم العلم و الأحاديث، بل أنّ العلماء ورثوا من الأنبياء العلم و الأحاديث، كما هو المناسب للإرث منهم بحكم كونهم غرباء و علماء.
فيكون معنى الحديث هكذا: (العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا العلماء درهما و لا دينارا، ولكنّ الأنبياء ورّثوا العلماء الأحاديث، و العلم ..).
و قد ثبت في علم المعاني و البيان أنّ الكلام لا ينعقد له ظهور إلّا بعد تمامه و كماله، فلا يصحّ الأخذ بصدره و طرح ذيله، و نحن إذا لا حظنا صدر الحديث مع ذيله، نقطع بأنّ الإرث المنفي إنّما هو من العلماء، و هذا أنسب للحديث من غيره، و أوفق بالكتاب و السنّة.
إلّا أنّ الخليفة أبا بكر- أساء الاستفادة من الحديث، فأسقط منه شيئا، و زاد فيه شيئا آخر، فيكون قد تصرّف في الحديث من جهتين:
1- أسقط منه الفقرة الأولى: «العلماء ورثة الأنبياء» و إنّما حذفها لئلّا يطّلع أحد على أنّ الإرث المنفي- في الحديث- إنّما هو من العلماء، لا الأولاد الأقربين.
2- زاد في الحديث فقرة أخرى، و هي: [ما تركناه صدقة]! فهذه الفقرة لم ترد في حديث قطّ، لا من طرقنا و لا من طرق مخالفينا، و هذه الأحاديث المتقدّمة تشهد بغير ما ادّعاه أبو بكر، و مصادر الفريقين نقلت الحديث بالشكل المتقدّم، لا
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 501