اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 500
فلمّا خرج قال الرشيد: تاللّه لقد علمت أنّه كذب على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فأمر بالحمام فذبح، فقيل له: و ما ذنب الحمام؟ قال: من أجله كذب على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).
فترك العلماء حديثه لذلك، و غيره من موضوعاته، فلم يكتبوا حديثه [1].
ثانيا: مناقشتها من حيث الدلالة:
و معنى الحديث لا يخلو من هذا الوجه:
إنّ المنفي عنه الإرث هم: العلماء و الفقهاء، و ليس الأولاد، جمعا بين صدر الحديث و ذيله، فإنّ صدره يقول: «العلماء ورثة الأنبياء» ثمّ بعد ذلك بلا فصل نفي النبي (صلّى اللّه عليه و آله) الإرث المالي عن العلماء فقال: «إنّ الأنبياء لم يورثوا درهما و لا دينارا» أي: لم يورّثوا للعلماء، فإنّ نفي الإرث إنّما هو من العلماء، لا من الأرحام و الأولاد، إذ لم يرد ذكر الأولاد في الحديث حتّى يحتمل نفي الإرث عنهم.
و السبب في ذلك هو: دفع للشبهة التي قد ترد من ظاهر قوله: «العلماء ورثة الأنبياء» فقد يتوهّم إنسان بأنّ العلماء يرثون تركة الأنبياء، و أموالهم؟!
فأورد النبي (صلّى اللّه عليه و آله) هذا القيد ليدفع هذا التوهّم، و ليبيّن معنى إرث العلماء من الأنبياء، فقال: «إنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما» أي لم يورّثوا العلماء دينارا و لا درهما، و إنّما ورثوهم العلم، و في هذا تصريح بأنّه ليس المراد من قوله (صلّى اللّه عليه و آله): (لا نورّث) الأولاد، و إنّما العلماء، و أمّا الأولاد فيرثون طبق القاعدة.
و بعبارة أخرى: أنّ العلماء ليسوا ورثة الأنبياء في الأموال و العقار، إنّما هم ورثتهم في الأحاديث و العلم و الرواية، و أمّا ورثة الأموال و العقار فالأولاد و الأرحام.