و هنا نرى أنّ أبا بكر حكم لعلي (عليه السلام) بوراثة النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، ممّا يدلّ أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يورث، كغيره من الناس، و يدلّ- أيضا- أنّ حديث أبي بكر كان موقّتا بوقت و زمان، و لأغراض سياسية.
و لا شكّ أنّ إرث عليّ (عليه السلام) إنّما هو من جهة زوجته فاطمة (عليها السلام). و هذا دليل على صدق فاطمة (عليها السلام) في دعواها، و استحقاقها، و إلّا لما طلب عليّ (عليه السلام) ميراث فاطمة (عليها السلام) من أبيها.
فالنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) يورّث، على رغم أنوف قوم، و معاطس قوم آخرين.
و لابدّ أن نقول- قبل كلّ شيء-: إنّ قضية المنازعة- هذه- كانت أمرا مدبّرا و مدروسا و معدودا له قبل يومها، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) و العباس تعمّدا ذلك ليوقعا أبا بكر في تكذيب حديثه المفتعل، و خطأه في دفع الصدّيقة الكبرى (عليها السلام) عن إرثها من أبيها (صلّى اللّه عليه و آله).
فلم يهدفا- من هذه المنازعة- إلّا أن يسجلّا نقضا على أبي بكر في دعواه بأنّ تركة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) صدقة، و إلّا فالعباس أجلّ قدرا من أن ينازع عليا (عليه السلام)، و هو يعلم فضله و منزلته.
و الذي يدلّ على هذا قول العباس لأبي بكر: [و أنت! فما يقعدك هذا المجلس؟ تقدّمته و تأمّرت عليه]، و قول أبي بكر له: اعذرونا يا بني عبد المطّلب.
و هذا شاهد على أنّ العبّاس إنّما جاء ليصل جناح أمير المؤمنين (عليه السلام)، و يؤيّده ما رواه الحضرمي و هو من أعيان المخالفين: قيل لعبد اللّه بن عبّاس: ما شأن