ثمّ قال: تؤمنون؟ قالوا: لا، قال: فإنّي ميّت يوم كذا و كذا، فإذا أنا متّ فادفنوني فإنّه سيجيء عانة [2] من حمير يقدمها عير أبتر حتّى يقف على قبري فانبشوني، و سلوني عمّا شئتم.
فلمّا مات دفنوه، و كان ذلك اليوم، فجاءت العانة فاجتمعوا و جاؤوا يريدون نبشه، فقالوا: ما آمنتم به في حياته، فكيف تؤمنون به بعد وفاته؟ و لئن نبشتموه ليكون سبّة عليكم فاتركوه، فتركوه» [3].
ثمّ قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لها جميع حوائجها، كرامة لأبيها.
فهل كانت فاطمة (عليها السلام) أقلّ شأنا و قدرا من ابنة نبي اللّه خالد بن سنان؟ و قد ورد فيها ما لم يرد في أحد من النساء من الأوّلين و الآخرين، بل كانت و اللّه أولى بالإكرام و التصديق، و لم يخلف النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بنتا غيرها.
كان إكرام خاتم الرسل الها * * * دي البشير النذير لو أكرماها
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: نقلا عن قاضي القضاة عبد الجبّار: قد كان الأجمل أن يمنعهم التكرّم ممّا ارتكبا منها، فضلا عن الدين؟
و هذا كلام لا جواب عنه، و لقد كان التكرّم، و رعاية حقّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و حفظ عهده يقتضي أن تعوّض ابنته بشيء يرضيها، إن لم يستنزل المسلمون عن
[2] العانة: القطيع من الحمر الوحشية، و العير: الحمار الوحشي.
[3] راجع: المستدرك على الصحيحين: 2/ 599، مجمع الزوائد: 8/ 213، فتح الباري: 6/ 354، و 13/ 69، المعجم الكبير: 11/ 236، تفسير ابن كثير: 2/ 27، الدرّ المنثور: 2/ 247، الإصابة: 4/ 477 و 8/ 314، البداية و النهاية: 2/ 269.
اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 339