اسم الکتاب : فدك و العوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب و السنة و التاريخ و الأدب المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 247
الاقتصادي، فلأجل أن لا يتقوّى بها أمير المؤمنين على منازعة الغاصبين، و الإعداد للقيام ضدّهم، عمدوا إلى انتزاعها منهم. و من المتعارف عليه في جميع السياسات و الحكومات: أنّه إذا أريد طمس شخصية معارضة، أو تقييد دولة ما لتعيش حالة الإنزواء و الضعف السياسي، فإنّه يعمد إلى محاربتها اقتصاديا.
و قد شهد تاريخ الإسلام في الصدر الأوّل هذه المأساة التي ارتكبت ضدّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و أهل بيته، فبعد أن عجز المشركون من مواجهة النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، فكّروا في خطّة جديدة و هي: أن تفرض حصارا اقتصاديا قويّا على النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و المسلمين، تحدّ بذلك من سرعة انتشار الإسلام، و بالتالي استئصاله، فبعد أن اجتمع زعماء قريش، و وقّعوا ميثاقا و علّقوه في جوف الكعبة، تحالفوا فيه على أن لا يبتاعوا من بني هاشم، و لا يبيعوهم شيئا؟ و لا ينكحوا إليهم و لا ينكحوهم، و لا يؤاكلوهم و لا يكلّموهم و و ....
فاجتمع أبو طالب (عليه السلام) بالنبي (صلّى اللّه عليه و آله) و من معه من المسلمين، و سكنوا في شعب كان يعرف بشعب أبي طالب، فيه بعض البيوت العادية، و السقائف البسيطة، بعيدا عن أهل مكّة. و استمرّ الحصار ثلاثة أعوام، بلغ الجهد بهم بحيث ارتفع صراخ الأطفال من الجوع و الضرّ، و بلغت هذه الصرخات مسامع قساة مكّة فلم يزدهم إلّا عنادا، و بقي الإسلام رهين الأسر خلال هذه الأعوام الثلاثة.
و قد أشار القرآن الكريم إلى مثل هذه المؤامرة التي كان يحوكها المنافقون ضدّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا[1].
فليس من العجيب أن ينتهج الحاقدون الطامعون بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)- و في