وحيث لا يتيسر القضاء على الجمهور لكثرتهم، تبقى الجذوة كامنة في نفوسهم، والعواطف محتدمة، حتى إذا سنحت الفرصة تدفق المخزون العاطفي، فكان النشاط مضاعف، والفعاليات مكثفة، تعويضاً عما سبق، وتحدياً للظالمين. ولذا كان مصير الضغوط عبر التاريخ الفشل الذريع والخيبة الخاسرة.
ولما كان إحياء هذه المناسبة الشريفة بمختلف وجوهه رمزاً للتشيع، وسبباً في رسوخ قدمه وتماسكه وتثبيت هويته ـ كما سبق ـ كان لاستمرار جمهور الشيعة فيه، وإصرارهم عليه بالوجه المذكور، أعظم الأثر في بقاء التشيع والحفاظ عليه. بل قد يكون هو الدرع الواقي له، والقلعة الحصينة التي تعصمه.
فاجعة الطف نقطة تحول مهمة في صالح التشيع
وقد ظهر من جميع ما سبق أن نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التي ختمت بفاجعة الطف صارت نقطة تحول مهمة في مذهب التشيع، حيث صار لها أعظم الأثر في قوته، ورسوخ قدمه وبقائه، ووضوح حجته وسماع دعوته، وتوسعه بمرور الزمن، رغم الضغوط الكثيرة، والصراع العنيف. ويأتي في الفصل الثالث من المقصد الثالث ما ينفع في المقام إن شاء الله تعالى.
وهو المناسب لحجم التضحية التي أقدم عليها الإمام الحسين (صلوات الله عليه) صابراً محتسب، راضياً بقضاء الله تعالى وقدره، مستجيباً لأمره، واثقاً بتسديده ونصره.
وبذلك يتضح وجه قوله (صلوات الله عليه) في كتابه المتقدم: "أما بعد