وقد أدرك معاوية أهمية ذلك في مقاومة دعوة أهل البيت (صلوات الله عليهم)، كما يظهر من كلامه المتقدم، لأن مقاومة الدين بالدين أشدّ تأثيراً عليه، وصداً له، من مقاومته بالدني. فحاول تأكيد ذلك وتركيزه، بحمل الناس على الإكثار من وضع الأحاديث في الاتجاه المذكور. ولاسيما مع وجود الأرضية الصالحة لتقبله، بسبب كثرة الفتوح في عهد الأولين وتدهور الأوضاع بعد ذلك، كما سبق.
بل كلما تعاقبت الأجيال وامتدّ الزمن زادت أهمية الموروثات العقائدية، وتجذرت في النفوس، واشتد التعصب له، والإصرار على تجاهل سلبياته، والتغاضي عن الأدلة المضادة له.
وهذه الخطوة من معاوية في غاية الأهمية والخطورة من جهتين:
تقديس الأولين يقف حاجزاً دون تقبل النص
الجهة الأولى: أنها تقف حاجزاً دون تقبل النص في الإمامة واستحقاق أهل البيت (صلوات الله عليهم) له، كما سبق.
وقد كان معاوية قبل رواية هذه الأحاديث وتأثيرها في تأكيد قدسية الأولين وشرعية خلافتهم نظام الخلافة الذي جروا عليه عند جمهور المسلمين، يحاول أن يشنع على أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في كتبه إليه لموقفه من الأولين. كما ذكرنا بعض مفردات ذلك في جواب السؤال الثالث من الجزء الثاني من كتابنا (في رحاب العقيدة) .
وكذلك فعل مع الإمام الحسن (عليه السلام) حينما أشار (صلوات الله عليه) في كتابه إليه إلى تظاهر قريش على أهل البيت، والشكوى من ذلك، فقد كتب إليه معاوية في جوابه: "وذكرت تنازع المسلمين الأمر بعده، فصرحت بتهمة أبي بكر