responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 443

لمن حاز الحبات و لو كانت الحبات قد نبتت بالغيث فإن أعرض عنها المالك بعد النبات و صيرورتها ما لا فهو لن حازه و ربّاه لا لصاحب الأرض و ان كان هو يستحق أجرة الأرض في صورة نباتها بالغيث و نحوه لا بعمل عامل و يحتمل ان يقال ان الزرع يصير لصاحب الأرض و لو كان مالكا لمنفعتها و على هذا الاحتمال ان كانت الأرض ملك صاحب البذر كان الزرع ملكا له و ان كانت ملك غيره كان الزرع ملكا للغير و كان تعب المربي بلا ثمر ثم استظهر الاحتمال الأول و هو انّه مال مالك الحب الا ان يعرض عنه بعد ذلك فيكون ملكا لمن جازه بعد ذلك و الأحوط الرجوع الى الصّلح ثم قال و ان شئت مأخذ المسئلة فاعلم ان المالك إذا لم يعرض عن الحبوب فالزرع مال صاحب البذر و امّا لو اعرض فليس لصاحب البذر بل هو خارج عن ملكه (حينئذ) و لم اعتمد فيما اخترته من خروجه عن ملكه على ان مجرد الاعراض يدلّ على الخروج عن الملكية حتى يقابل بالمنع و ان الملك كما يحتاج في ثبوته الى سبب شرعي فالخروج عنه ايضا محتاج الى ناقل شرعي و لم يثبت من الشرع كون نية الخروج من موجبات نقل الملك فان ذلك لا يتم في كثير من المواضع التي يكون المعرض عنه شيئا خطير أو ان كان القول به موجودا (مطلقا) و في خصوص بعض المسائل مثل ما لو أطلق الصّيد بعد التملك و قصد الخروج عن التملك فإنهم اختلفوا فيه فالأكثر على عدم الخروج كما في المسالك و ذهب بعضهم الى الخروج و نسبه في الكفاية إلى الأكثر و يتفرّع عليه جواز اصطياده للغير بقصد التملك و عدمه ثم على القول بعدم الخروج اختلفوا في انّه يباح التصرف فيه على غير جهة التملك أم لا ايضا بل اعتمادي في المسئلة على انه ثبت من الشارع الرخصة في مثل ما نحن فيه و هذه الرخصة يمكن ان تكون من باب شاهد الحال عن المالك و يمكن ان تكون من جانب اللّه بالاستقلال كاثبات سائر الحقوق المالية في أموال الناس و تردد الأمر بين ذينك الأمرين في المسائل الشرعية غير عزيز فمنها إثبات حق الشرب و التوضي في المياه المملوكة فإنه يظهر من بعض الأصحاب انّه من باب شاهد الحال و من بعضهم انه حق اثبت اللّه تعالى لعباده في مال عباده فإذا تردد الأمر بينهما فالأصل يقتضي الحمل على الأخير اما ثبوت الرخصة من الشارع فلثبوت الإجماع عليه بملاحظة عمل الناس في كل عصر و مصر من التقاط السنابل بعد الاعراض من الصّلحاء المتدينين و غيرهم و لم ينكر عليهم أحد من العلماء في جميع الأعصار و الأمصار و (كذلك) التقاط جلات البعير و الأغنام في المفاوز و الصحاري و اما ان الأصل حمل ذلك على انه اباحة من اللّه في مال عبادة (فالظاهر) الإجماع عليه (أيضا) إذ الملتقطون للسنابل و جلات الحيوانات في كل عصر و مصر يبيعون هذه الأشياء و يشترى المسلمون منهم من العلماء و الصالحين و غيرهم و يجرون فيها أحكام البيع و الشراء و لو لم تصر تلك الأشياء ملكا لملتقطها لم يصحّ البيع إذ لا بيع إلا في ملك سواء كان بالأصالة أو بالنيابة عنه أو بالإجازة عنه فإذا كان الاعراض عن المالك بمنزلة الإباحة المحضة لا يفيد ذلك من المالك إلا الرخصة في التصرف و لا يفيد التمليك كما صرحوا به في نثار العرس و صحة البيع مشروط بالتمليك أو بالإجازة عن المالك و المفروض عدم التمليك و النيابة أيضا غير متحققه بالفرض إذ هم يبيعون لأنفسهم و امّا الإجازة فهو موقوف على اطلاع المالك على البيع و إمضائه و هو لا يمكن الا بعد اطلاعه على وقت البيع ليعقبه بالإجازة و مجرد المعرفة من حاله الشهادة الحال انه لو اطلع على البيع لامضاه لأنت يكفي فيه مجرد الرضا إذ لو كان محض الرضا كافيا في انعقاد العقود لتحقق عقد النكاح فيما بين رجل و امرأة يحب كل منهما الأخر و يتمنى كل منهما ان يكون زوجا للآخر و (كذلك) البيع و غيره من المعاملات و لم يقل به أحد و القائلون بصحة المعاطاة بل و لزومه (أيضا) لا يقون بعدم الاحتياج إلى الإنشاء غاية الأمر انهم لا يقولون بلزومهم الإنشاء الخاص بالصيغة المخصوصة أو بمطلق اللفظ مع ان الإجازة انما تنفع في نقل الملك عن البائع و انتقال الثمن اليه و فيما نحن فيه ليس (كذلك) إذ معنى شاهد الحال و الإباحة انما هو الرضا بمعاملة الملتقط لنفسه فان قلت هذا ليس بيعا بل هو نوع

اباحة في صورة المبايعة فالمالك يرضى بان يعطى الملتقط المذكورات المشترى و يأخذ الثمن و يصرفه و لو اطلع على البيع و أراد ان يأخذ الثمن من الملتقط جاز له أخذه قلت هذا إنكار لما استمر عليه الأعصار و الأمصار فإنهم يعاملون معاملة البيع الصحيح مع الملتقطين مع علمهم بأنهم ليسوا بمالكي الانعام بل انما يلتقطون الجلات الملتقاة من أموال الناس في الصحاري و هكذا يلتقطون السنابل و أمثالها فعلم من جميع ذلك ان اللّه أباح المذكورات لعباده بعد إعراض أصحابها عنها فعلى هذا يكون سبيلها سبيل سائر المباحات التي يحصل الملك فيها بالحيازة بقصد التملك و ان قلت نعم و لكن استصحاب الملك يقتضي بقاء حق المالك فيه ما دام باقيا قلت بعد ما ذكرته من الدليل لا يبقى معنى للاستصحاب إذا الاستصحاب (صح) لا يعارض الدليل مع انه يمكن ان يقال ان مناط حجية الاستصحاب انما هو إلحاق الظن بالأعم الأغلب و لما كان الموضوعات مختلفة في قابلية البقاء على مجرى عادة اللّه فيختلف زمان استصحابها بمقتضى استعداد موادها فيجري حكم الاستصحاب في كل فرد من افراد الموضوع على وفق ما ثبت استعداد هذا النوع للقدر المعين من البقاء و استدامة ملكية مثل هذا المال لم يثبت في الشرع في موارد حتى يقيس عليها ما نحن فيه إلحاقا بالأغلب مع انه يمكن ان يقال ان في مثل الحبوب التي دخلت من باب الاتفاق بسبب تصاكك السنابل و الانطلاق في شقوق الأرض و ثقبها انها ليست بمال حتى يقال ان ملكية هذا المال مستصحب هذا كلامه (رحمه الله) و محصله التمسك بالسيرة في الأشياء المحقّرة مما ذكره و مما لم يذكره كنوى التمر و قشور البطيخ و الجوز و للوز و البندق و أمثال ذلك ثم أشار (رحمه الله) الى دليل ثان للدعوى المذكورة بقوله و يدل على ما ذكرنا (أيضا) ان من البعيد من حكمة اللّه و رأفته ترخيص عبده الضعيف في جمع السنابل و الحبوب في غاية المحنة و اللغوب من الصبح الى الليل و كذلك جلات الحيوانات ثم تسليط المالك على ان يأخذ منه مجانا ثم انه (رحمه الله) أخذ في تعميم الدعوى بالنسبة الى غير المحقرات (مطلقا) خصوصا فيما إذا كان الاعراض عنها مع الياس فقال على ان لنا ان نعتمد على ان الاعراض عن الملك يفيد الخروج عنه (أيضا) سيّما إذا كان الاعراض من جهة اليأس لا عدم المالية بل مع الثبوت في صورة اليأس مع تحقق المالية العظيمة يثبت في صورة الإعراض لأجل الحقارة بطريق اولى و وجه الاستدلال ان الأصحاب ذكروا في مسئلة البعير التي بقيت في فلات لأجل كلالة انه يملكه الأخذ و استدلوا عليه بصحيحة عبد اللّه بن سنان و يقرب منها غيرها من الاخبار فإن هذه الصحيحة و ما في معناها تدلّ على ان أعراض

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 443
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست