responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 356

موافقة لغرضه فقد تحصل من جميع ما ذكرناه ان غرض النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ان كان هو الوجه الأول كان شراء عروة للشاة الزائدة على الشاة الموكل في شرائها فضوليا و اما ان كان غرضه (عليه السلام) هو الوجه الثاني فيكون شراء الزائدة مأذونا فيه بالفحوى لكن يبقى الكلام في انه يخرج بذلك عن عنوان الفضولي أم لا فنقول ان كان لفظ المتكلم بحيث يستند إليه الدلالة على المفهوم كانت دلالته من باب الدلالة اللفظيّة فيستحق عنوان التوكيل لكون الدلالة مقصودة للمتكلم جارية على الوجه المتعارف فيخرج المعاملة عن عنوان الفضولي و الا كانت من قبيل الفضولي و لما ذكرنا قال العلامة (رحمه الله) في كتاب الوكالة من القواعد انه لو وكله في شراء عبد معيّن بمائة فاشتريه بخمسين صح الا ان يمنعه من الأقل و قال بعد ذلك بفصل أسطر انه لو قال بع بألف درهم فباع بألف دينار وقف على الإجازة انتهى و قال المحقق الثاني (رحمه الله) في شرح العبارة الاولى امّا الصّحة فلأنه مأذون في ذلك عرفا لان من رضى بالشراء بمائة (صح) يرضى بالشراء بخمسين غالبا نعم إذا نهاه عن ذلك وجب عدم مخالفة النهي انتهى و قال (رحمه الله) في شرح العبارة الثانية ما لفظه لأن المأتي به غير المأمور بتحصيله و لا هو مشتمل على تحصيل ما أمر بتحصيله و تصرف الوكيل انما هو بالإذن فإذا عدل عنه كان فضوليا انتهى ما أهمنا ذكره من كلامه (رحمه الله) و لا بد ان يكون وجه الفرق ما ذكرناه و الا كان باب المناقشة في الفرق واسعا فتأمل هذا و لكن بقي ترجيح أحد الاحتمالين على الأخر فنقول ان الأوّل أرجح بغير إشكال لأن ذلك هو المطابق للعرف و العادة و لعدم علمه (عليه السلام) بقيمة الشاة في السوق من الطرق المتعارفة العادية التي عليها مجرى أمورهم المتعلقة بالناس لكن من لم يتمكن من ترجيح الاحتمال الأول بل تساوى الاحتمالان عنده كان وظيفته الحكم بالإجمال و لازمه سقوط الاستدلال ثم ان جعل معاملة عروة من قبيل الفضولي انّما يتم بناء على القول بكون الإجازة كاشفة لأن أجازيه (صلى الله عليه و آله و سلم) لبيع الشاة تصير كاشفة عن كونها قد صارت له (عليه السلام) و امّا على القول بالنقل فلا يتم ذلك لان الشاة المبيعة قبل الإجازة لم تصر ملكا له (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى بخير بيعها فكان اللازم ان يخبر البائع الأوّل و هو من باعها على عروة فلا بد و ان يلتزم بكون عروة وكيلا له (صلى الله عليه و آله و سلم) أو يجعل الرواية دليلا على القول بكون الإجازة كاشفة لا ناقلة بعد إحراز كون معاملته من باب معاملة الفضولي فافهم و امّا الثاني و هو بيعه احدى الشاتين بعد الشراء فمقتضى ما في الرواية انه لا إشكال في كونه فضوليّا هذا و لكن قد اعترض على الاستدلال بالحديث لصحة الفضولي بوجوه منها ما أشار إليه المحقق الأردبيلي (رحمه الله) فيما ذكرناه من كلامه من احتمال كون عروة وكيلا (مطلقا) و محصّله ان المذكور في الحديث من قبيل حكايات الأحوال و هي مما لا عموم فيها فيحتمل ان يكون وقوعه مستندا الى كون عروة وكيلا (مطلقا) فلا يكون الحديث دليلا على صحة الفضولي و منها ان عروة من أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و قد دعى له النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و ذلك يدل على كونه رجلا جليلا لا يليق به مخالفة الشرع و لا ريب أن إقباض المبيع و قبض الثمن حرام في الفضولي بدون اذن المالك و لا يحتمل من مثله عدم العلم بالحكم و لا تعمد مخالفة ما علم به فيعلم من ذلك انه كان وكيلا في التصرف فيما يملكه النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) (مطلقا) أو في خصوص هذه المعاملة (كذلك) و يؤيده ان العلامة (رحمه الله) ذكر صاحب القضية في الخلاصة في القسم الأوّل و هو من يعتمد على روايته أو يترجح عنده و ان عبر عنه بعرفة و هذا الاعتراض على تقدير تماميته يتجه على التمسك ببيعه كما يتجه على التمسك بشرائه و هذا الوجه مغاير لما اعترض به (المصنف) (رحمه الله) في كلامه و منها ان من المعلوم انه لو أمر المالك ببيع شيء من أمواله أو غيره من المعاملات و توقف على مقدمة لم يصرح المالك بإيجادها كانت تلك المقدمة من قبيل المأذون فيه و كان هو وكيلا في إيجادها بدلالة الاذن في ذي المقدمة أو الأمر به على الاذن في تلك المقدمة

حتى انها لو كانت تلك المقدمة من قبيل المعاملات لم تكن من قبيل معاملة الفضولي و الحال فيما نحن فيه على هذا المنوال فإن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قد أمر عره بشراء شاة و لما وجد هو ان تحصيلها موقوف على شراء شاتين و بيع إحديهما التزم بذلك من حيث ان الأمر بذي المقدمة (مطلقا) يدل على إيجاد مقدماته فيخرج شراء الشاة الأخرى و بيعها عن عنوان الفضولي و يكون من قبيل ما تعلق به الاذن و الوكالة و يندفع الأوّل بأن ظاهر الخبر ان المنقول تمام ما وقع منه (عليه السلام) مع البارقي مضافا الى أصالة عدم غيره و ان أمر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إياه بشراء شاة إنما يفيد وكالته في شراء شاة واحدة على ما هو ظاهر اللفظ بل صريحه فلا يدخل شراء الشاة الأخرى في العنوان الذي وقع عليه التوكيل و لو سلم دخول شرائها فيه لم يسلم دخول بيعها فيه كما لا يخفى وجهه على من له أدنى معرفة بمقاصد أهل اللسان و مواقع ألفاظهم فيدخل شراء الشاة الأخرى و بيعها في عنوان الفضولي و الثاني بأن جلالة شأن عروة غير معلومة و دعوى انه لا يحتمل من مثله عدم العلم بالحكم و لا تعمد مخالفته لما علم به ممنوعة خصوصا الاولى و ان أبيت عن ذلك قلنا ان قبضه دينار المشترى مما لا اشكال فيه لان قبضه منه انما كان باختياره فلا يكون حراما فيبقى إقباضه للشاة فنقول لعلّه كان يرى الاذن من بائعها و كذا من النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بل الظاهر انه لا حاجة (حينئذ) الى الاذن منه (عليه السلام) لان التسليم انّما كان قبل أجازته لما فعله منه مد ظلّه العالي في تسليمها بالفحوى أو بشاهد الحال و ان لم يكن وكيلا في أصل البيع و لا ريب في اعتبار الإذن بشيء من الوجهين بحيث يخرج الاقدام على المأذون فيه عن عنوان الفعل المحرم في سائر الموارد و العوضان في معاملة الفضولي ليس فيها خصوصية حتّى يحكم بالحرمة فيهما الّا مع الاذن التصريح و إطلاقهم تحريم تسليم العوضين لا بد و ان يقيّد بصورة عدم الاذن و لو بالفحوى أو بشاهد الحال فافهم منه دام ظله العالي 1317 و الاذن على شيء من الوجهين في نفس تسليم العوضين لا يخرج المعاملة عن عنوان الفضولي بل فقول ان الاذن بالفحوى في نفس البيع لا يجدى في تحقق الوكالة فيه و إخراجه عن بيع الفضولي و الثالث بان الأمر بذي المقدمة إنما يخرج المقدمات عن عنوان الفضولي فيما إذا كان الأمر قاصدا إلى الإتيان بذي المقدمة ملتفتا إلى انه لا يتم إلا بالمقدمة الخاصة و لا يتحصّل بدونها فيتوجه قصده الى التوكيل فيها و مثل هذا لم يكن واقعا منه (صلى الله عليه و آله و سلم) بعد البناء على ان أفعاله العادية إنما تجري على الوجه المتعارف و لم يكن الا انه (عليه السلام) أمر الرّجل بشراء شاة واحدة و قد كان له وجوه كثيرة و طرق متعددة فصادف المأمور بعضها و فعله من دون قصد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) اليه على الوجه المتعارف فافهم

قوله لكن لا يخفى ان الاستدلال بها يتوقف على دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي توضيح ذلك ان (الظاهر) علم عروة برضا النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بما يفعل (انتهى)

أقول لا مدرك لهذا الاستظهار و لا شاهد عليه و من اين يحصل الظن بان ما في ضمير البارقي في حال مباشرته للشراء و البيع هو القلم بأن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) كان راضيا بفعله في حال فعله حتى يترتب عليه توقف الاستدلال على دخول المعاملة المقرونة برضا المالك في بيع الفضولي و غاية ما هناك ان يدعى انه كان واثقا أو عالما بأن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ان عرض عليه فعله يرضى بعد العرض عليه و يجزه و هذا لا يخرج المعاملة عن عنوان الفضولي قطعا و كيف يدعى ان عروة علم ان النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) راض بالفعل ببيع الشاة بعد شرائها إذ من المحتمل غير بعيد عقلا و عادة ان لا يرضى ببيعها بعد حصولها بذلك الثمن

قوله و لكن الظاهر هو أول الوجهين كما لا يخفى

و ذلك لان الوجه الأخير يتضمن علم المشترى بكون البيع فضوليا و علمه بأن الفضولي لا يستحق قبض العوض و علمه بأنه ان كان عالما بان البيع فضولي فله ان يستأمن

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست