responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 354

فلازما و ان جائزا فجائزا و ان موقوفا فموقوفا و ان باطلا فباطلا فان عدم ترتب الأثر من مقارناته العادية و ان لم يكن من مقتضياته لسبقه عليه و (حينئذ) فلا دلالة فيها على أصالة اللزوم أو الصّحة الّا ان يعلم الجواز و الفساد كما في العقد الخالي عن الرضا سابقا و لا حقا و أنت خبير بأن المناقشة المذكورة غير متجهة لأنه لو سلم جريان نزاع وضع الأسامي للصحيحة في البيع و الصّلح و أمثالهما فلا نسلم جريانه في لفظ العقد الذي جمع في الآية على العقود فلم يحتمل فيه أحد كونه موضوعا للصّحيح فتطويل المقال بإيراد هذا الاحتمال مما لا وجه له فتعين انه موضوع لمطلق العهد الواقع بين اثنين و الى هذا أشار في المصباح حيث قال عقدت الحبل عقدا من باب ضرب فانعقد و العقدة ما يمسكه و يحبسه و يوثقه و منه قيل عقدت البيع و نحوه انتهى فالحاصل انه لم يقل أحد بأن العقد اسم للعهد الجاري بين اثنين الذي يترتب عليه الأثر شرعا أو عرفا فهو اسم لما هو أعم مما يترتب عليه الأثر و بقي ما أورده على القول بالأعم من ان قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ معناه إيجاب الوفاء بكل عقد على ما هو عليه ان لازما فلازما و ان جائزا فجائزا و ان موقوفا فموقوفا و ان باطلا فباطلا فنقول في دفعه ان العلامة (رحمه الله) استشكل في الاستدلال بالآية على كون الأصل في العقود هو اللزوم بان المراد وجوب الوفاء بالعقد على ما هو عليه ان لازما فلازما و ان جائزا فجائزا و زاد عليه المورد قوله ان موقوفا فموقوفا و ان باطلا فباطلا و رام به الإيراد على الاستدلال و سقوطه واضح لان الوفاء بالعقد الباطل بمعنى عدم ترتيب الأثر عليه مع اعتراف المورد بأنه ليس من مقتضيات العقد الفاسد بل من مقارناته مما لا يفي لفظ الآية بالدّلالة عليه بل إدراجه في الآية مما يوجب ركاكة الآية الموجبة لتضييعها و إدراج الوفاء بالموقوف على وجه الموقوفية لو سلم لم يكن مما يوجب سقوط الآية عن الدلالة على وجوب الوفاء بالفضولي الذي هو من قبيل الموقوف على الإجازة بعنوان الموقوفية هذا و قد يناقش في الاستدلال بالآية المذكورة (أيضا) بأنه بعد تسليم دلالتها على انه يجب الوفاء بكل عقد شك في صحته و فساده حتى يكون مؤداها أصلا و قاعدة كلية و يصير حاصلها الحاكم بصحة كل عقدا لان يعلم فساده نقول ان المتبادر من الآية انّما هو لزوم الصّحة الفعلية و لزوم وفاء الفعلي للعقد الواقع في الخارج الا ان يعلم فساده و ان شئت قلت المتبادر من الآية صحة العقد في حال وقوعه و لا ريب في ان الصحة الفعلية غير لازمة لعقد الفضولي ضرورة عدم اتصافه بها قبل الإجازة بل ليس قبلها إلا الصّحة الموقوفة و معلوم ان الصّحة الموقوفة غير مستفادة منها و التزام عدم صدق العقد على عقد الفضولي إلا بعد الرضا به و (حينئذ) تكون صحته فعلية مناف لظاهر كلماتهم كما لا يخفى على المتدبر فيها و دعوى لزومها لبعض افراده و هو الذي يسبقه أو يقارنه الرضا من المالك بدون توكيله للعاقد و (حينئذ) فإذا وجب الوفاء به وجب الوفاء بجميع افراده لعدم القول بالفصل بين الصنفين كما هو مقتضى إطلاق كلماتهم و معاقد إجماعاتهم نفيا و إثباتا يدفعها ان ذلك مبنى على مقدمتين إحديهما كون ذلك من افراده عندهم و هو محلّ منع بل لعل كلماتهم ظاهره في غيره كما لا يخفى على المتتبع لها و الثانية ان لا يكون على تقدير دخوله في الفضولي غير موقوف على الإجازة فيكون صحيحا بدونها و هو (أيضا) ممنوع هذا و لكن يندفع المناقشة المذكورة بأن عموم قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قد خص بالشرائط الثانية فلا يؤخذ بعمومه الا فيما شك في ثبوته من الشرائط و هو واضح فعلى هذا نقول ان عقد الفضولي قد قيد صحة الفعلية بلحوق الإجازة بحكم الإجماع و غيره فيجب الوفاء فعلا بالعقد الحائز للشرط دون غيره و (حينئذ) نقول ان الفضولي الذي لحقه الإجازة يجب الوفاء به بالفعل و الذي لم يلحقه الإجازة لا يجب الوفاء به و هو بعينه مثل العقد المشروط فيه الخيار أو المشتمل على شيء من أقسام الخيار يجب الوفاء به بعد القضاء مدة الخيار فعلا و لا يجب الوفاء به بمعنى الالتزام به قبل انقضائها بل يجوز الفسخ به و على هذا يسقط ما ذكره المورد بقوله و التزام عدم صدق العقد على عقد الفضولي إلا بعد الرضا به و (حينئذ) تكون صحته فعلية مناف لظاهر كلماتهم و ذلك لانه هو الموافق لكلماتهم

و ليس فيها ما ينافيه و ما ذكرناه في رفع المناقشة يمكن استفادته مما لوح اليه (المصنف) (قدس اللّه تربته الزكية) بقوله و مرجع ذلك كله الى عموم حل البيع و وجوب الوفاء بالعقد خرج منه العاري عن الاذن و الإجازة معا و لم يعلم خروج ما فقد الاذن و لحقه الإجازة ثم انه قد يتوهم ان سر عدم وجوب الوفاء بالعقد الفضولي قبل لحوق الإجازة انما هو كون عقد الأجنبي قبل اجازة المالك له لا يصير عقدا له حتى يتوجه إليه الأمر بالوفاء بالعقد و ذلك لان كل انسان مخاطب بالوفاء بالعقد الذي أوقعه هو دون غيره و هذا بخلافه بعد الإجازة فإنه يصير عقدا للمالك المجيز فيجب الوفاء و عندي ان ذلك بعيد عن السداد لأن صيرورة عقد الأجنبي عقدا للمالك بواسطة أجازته ممنوعة مضافا الى ما قيل من ان وجوب الوفاء بالعقد غير مختص بمن أوقعه فيجب على كل مكلف الوفاء بالعقد الواقع مستجمعا للشرائط سواء صدر منه أم من غيره فان الوفاء به عبارة عن ترتيب الآثار عليه الا ترى ان من اشترى ثوابا من غيره يجب على من اطلع على اشترائه ترتيب آثار ملكيته عليه مثلا إذا أراد الصّلوة فيه وجب عليه ان يستأذن من المشترى دون المالك و على هذا القياس غيره فافهم و قد يناقش (أيضا) بانصراف العقود إلى المتعارفة في زمان الصدور و في كون الفضولي منها تأمل بل منع و أجاب عن هذه المناقشة في شرح القواعد بأن الفضولي من جملة العقود المتعارفة في ذلك الزمان و استشهد على ذلك بالسيرة المأنوسة و الطريقة المألوفة من تصرف الوكلاء و المأذونين سيما مع كثرة المال و اتساع الحال في غير الوجه الذي تعلق به الاذن ثم اخبار الموكلين و طلب الإجازة منهم و كذا الأحباء و الأصدقاء سيما مع بعد البلاد و هي عادة معروفة لا تنكر و أورد عليه في الجواهر بأن السيرة ان كانت من زمن الشارع و اتباعه و قد كشفت عن رضاه بذلك و كفى بها دليلا على المطلوب من غير حاجة الى تكلف الاندراج في الآية و ان كان منشؤها الجهل و التسامح في الشرع و لذا لا يسلمون المبيع و يقبضون الثمن و يجرون باقي أحكام الملاك عليها فلا عبرة بها و الا لاقتضت صحة الفضولي من غير تعقب الإجازة و هو معلوم الفساد و دفعه بعض من تأخر بأن السّيرة كانت ثابتة في زمانه (عليه السلام) كما هو صريح شرح القواعد الا انها معذلك لا توجب الاستغناء عن الآية في مقام الاستدلال لان قيام السّيرة على صنف معاملة كالفضولي مثلا انما يوجب ثبوت الصنف و لا ينافي من ذلك ثبوت جميع أفراده لان من جملتها ما هو خفي الفردية فيقع الشك في ثبوت الحكم الثابت بالسيرة له و معلوم انها ليست من قبيل الأدلة اللفظية حتى تتصف بالعموم أو الإطلاق فيصح التمسك بشيء منهما في إثبات الحكم للفرد المشكوك فيه فتمس الحاجة (حينئذ) إلى التمسك بعموم قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 3  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست