responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 340

افتى فيه الأصحاب بمقتضاها فتدبر ثم لا يخفى عليك انه على القول بصحّة عقد المكره بلحوق الإجازة لو حصل الرّضا بعد العقد بلا فصل فلا إشكال في صحته و لو وقع منه الفسخ (كذلك) فلا ريب في بطلانه اما لو استمر الجبر بلا فسخ ثم تعقب الرضا فالمنقول عن شرح القواعد ما ينبئ عن التردد في الصّحة قال (رحمه الله) و لو حصل الرضا بعد تمام العقد بلا فصل فلا بحث على القول بالصّحة و لو فسخ فسد العقد و لو استمر الجبر بلا فسخ ثم تعقب الرّضا قوى وجه الصّحة و في كونه كاشفا أو ناقلا وجهان اقويهما الأوّل انتهى و في الجواهر بعد الإشارة إليه ما نصه لعل وجه العدم انه قد يقال بكفاية استمرار عدم الرضا في فساد العقد بحيث لا تنفع معه الإجازة إذ دعوى احتياج فسخه الى لفظ يدلّ عليه مريدا للإنشاء به لا دليل عليه انتهى و قد يدفع بمخالفته لظاهرهم بل كلامهم كالنص في شموله لصورة الاستمرار في الجملة ان لم تكن هي المنساقة من كلماتهم و أدلتهم نظرا الى ان غالب أفراد الإكراه المتعقبة بالرضا في الخارج انما هو ما لو استمر عدم الرّضا لانه لا يتبدل بالرّضا غالبا الا بعد انقضاء مدة يزول فيها ألم الإكراه مضافا الى ان كفاية مجرد استمرار عدم الرّضا و قيامه مقام الرّد ممّا لا وجه له و لا دليل عليه لان الرد كالإجازة يحتاج إلى إنشاء بلفظ أو ما يقوم مقامه و مجرد استمرار عدم الرضا ليس إنشاء

تنبيهات

الأوّل ان الإكراه و ان كان امرا واقعيّا الّا ان اعتقاد المكره طريق اليه

فيترتب عليه أحكام الإكراه و عدمه فلو كان المتغلب قد توعد على ترك امتثال أوامره على وجه كلّى ثمّ انه صدر منه أمر ببيع شيء من أمواله بقصد الإرشاد فزعم المخاطب ان المراد به الحتم و الإلزام فباعه مكرها لا عن طيب نفس ترتب عليه حكم العقد المكره عليه و لو انعكس الأمر بأن كان مقصود الأمر هو التوعد على ترك البيع و الإكراه على فعله على سبيل الحقيقة فزعم المأمور ان ذلك من باب المزاح و المطايبة فباع لا عن إكراه وقع البيع صحيحا و هو ظاهر بعد التنبيه

الثاني انه لو اكره على نفس العقد غير مقيد بقيد

بان إكراه على بيع داره مثلا فباع مكرها ثمّ انه بعد زوال الإكراه اجازه مقيّدا بقيد مثل ان يقول رضيت ببيع الدار بشرط ان يكتب لي قرانا مثلا لم يفد الرضا في صحة العقد الواقع و إجازته لأنه ليس اجازة لما وقع بل هو أمر مغاير له و مثله العكس بان باع مشروطا بشرط ثمّ أجاز (مطلقا) لمغايرة العقد الواقع لما تعلق به الإجازة و ليس هذا مثل العفو عن الشرط المقيّد به العقد و إسقاطه لتحقق العقد و الشرط هناك الا انه أسقط حقه الثابت سابقا و هنا إنشاء إجازة عقد لم يقع ضرورة ان الواقع غيره الا ان يقصد إمضاء العقد المقيد ثم يسقط حقه و هو خارج عن المفروض

الثالث انه قال في (المسالك) و اعلم ان بيع المكره انما يتوجه اليه البطلان إذا كان بغير حق

فلو إكراه بحق بان توجه عليه بيع ماله لوفاء دين عليه أو شراء مال أسلم إليه فيه فاكرهه الحاكم عليه صحّ بيعه و شراؤه فإنه إكراه بحق و مثله تقويم العبد على معتق نصيبه منه و تقويمه في فكه من الرق ليرث و إكراهه على البيع لنفقته و نفقة زوجته مع امتناعه و بيع الحيوان إذا امتنع من الإنفاق عليه و العبد إذا أسلم عند الكافر و العبد المسلم و المصحف إذا اشتراهما الكافر و سوغناه فإنهما يباعان عليه قهرا و الطعام عند المخمصة يشتريه خائف التلف و المحتكر مع عدم وجود غيره و احتياج الناس اليه فكل هذه الصور مستثناة من قولهم ان بيع المكره غير صحيح و ضابطها الإكراه بحق كما قدمناه انتهى و قد صرّح بصحة بيع المكره بحق كما هو الضابط الذي ذكره (رحمه الله) كثير من فقهائنا بل لم يعرف فيه خلاف بل ظاهرهم الاتفاق عليه و عن الغنية انه لا خلاف فيه و ظاهرها نفى الخلاف بين المسلمين و لعلّه (كذلك) و ظاهرهم انه صحيح بنفسه و هو حق مع قصده للنقل و ليس مرادهم بكون بيع المكره بحق صحيحا الا هذا القسم و الا فالحكم بصحته مع عدم القصد الى النقل الذي هو مضمون الصّيغة مما لا وجه له فلا بد من الحكم بفساده و لا إشكال في صحة الصّيغة الصادرة من المكره بحق بعد ان جعله المالك الحقيقي سببا للنقل و ان كان المكره فاقدا للرضا بمضمون الصّيغة ثم اعلم انه مع امتناع المالك عن بيع ما يلزمه بيعه ان تمكن الحاكم من إكراهه و إجباره على البيع كانت وظيفته ذلك دون مباشرته بنفسه إذ لم يثبت من الشرع ترخيصه في المباشرة و مع الشك في مضى البيع الذي باشره بنفسه فالأصل عدم مضيه و الأصل بقاء مال كل من المالكين على ملكه ثم انه ان لم يتمكن من إجبار المالك على البيع باشره هو بنفسه و لكن ظاهر كلام صاحب الجواهر (رحمه الله) ان الحاكم يباشر بنفسه البيع مع التمكن من إجبار المالك قال (رحمه الله) في ذيل كلامه على الإكراه هذا كله في الإكراه بغير حق اما فيه فقد صرح غير واحد بالصحة معه لكن قد يقال ان الإكراه بالحق للحاكم و من قام مقامه انما يقتضي تصرف الجابر و لا حاجة الى وقوع اللفظ من المجبور لانه هو الوالي له في هذا الحال و احتمال الإلزام له بمباشرة اللفظ الحالي عن القصد و الرّضا لا دليل عليه و قيام الحاكم مقامه فيهما يقتضي قيامه في اللفظ الذي هو أسهل من ذلك على انه لو اعتبر اللفظ أشكل بإمكان عدم يتسره منه لشدة عناده أو غير ذلك بل قد يشك في صحة العقد الذي يكره عليه و الفرض كونه فاقد القصد و الرضا و لو حصلا من الحاكم ضرورة كونه تبعيضا في العقد لم يعلم شرعيته انتهى و أنت خبير بأن ولاية الحاكم في صورة تيسر إجبار المالك على مباشرة البيع لم يثبت بأزيد من ذلك فيكون المباشرة الحاكم بنفسه للبيع مما لا ولاية له عليه فدعوى انه هو الولي و انه لا حاجة الى صدور اللفظ من المالك المكره مصادرة كما انه لا يخفى سقوط ما ذكره من نفى الدليل على إلزام المالك بمباشرة اللفظ الخالي عن القصد و الرّضا و ذلك لان الرّضا من المالك غير حاصل على كل من تقديري مباشرة المالك و مباشرة الحاكم و قد أسقطه المالك الحقيقي عن درجة الاعتبار و جعل المناط هنا رضاه الحاصل برضا الحاكم الشرعي و ان المفروض انما هو ما لو قصد المالك المجير مضمون الصّيغة فان هذا هو الذي نقول بصحته وفاقا للأصحاب و اما اللفظ الخالي عن المدلول فلا يقول أحد بصحة العقد به و المعتبر انما هو اللفظ المقصود به المعنى بل ما سبقه الرضا أو لحقه و قد كان المعتبر صدور العقد من المالك مع الرّضا فإذا تعذر مباشرة المالك و جاء مداخلة الحاكم كان اللازم ان يقدر الضرورة بقدرها فيأمره الحاكم بمباشرة العقد و افتراق محلّ الرضا عن محلّ القصد الى مدلول الصّيغة لا مانع منه و قد تحقق في الفضولي و دعوى قيام الحاكم مقام المالك في القصد لا وجه له و اسهلية قيامه مقامه في اللفظ وجه اعتباري لا يصلح لصيرورته مستندا شرعيا و الاستدلال بأنه لو اعتبر اللفظ أشكل بإمكان عدم تيسره منه لشدة عناده أو غير ذلك مما لا يفضى الى المطلوب ضرورة انه عند عدم تيسره يتبدل العنوان فيندرج تحت من تعذر إجباره فيقوم الحاكم مقامه (حينئذ) كما عرفت فرع لو أكرهه الحاكم على أمرين و كان الإكراه في

أحدهما بحق و في الأخر بغير حق و لو مع اشتباه الحاكم في الموضوع حتى لا ينافي مضىّ حكمه شرعا أو فرض ان المتغلب امره بعقدين فرضي بإيقاع أحدهما

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست