responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 339

و زياد الكلام انّما أفاد نفى المجيء عن القوم و الاستثناء انما أفاد إثبات المجيء للحمار و لا يتأتى من مجموع المستثنى الى و الكلام المشتمل على المستثنى منه نفى المجيء من غير الحمار من سائر أفراد الحيوان كالفرس و البقر و نحوهما لعدم وفاء شيء من الجزئين به إذ ليس الحمار من افراد عنوان القوم حتى يقال انّه حصل حصر المجيء فيه من إثبات الحكم لبعض افراد القوم و نفيه عن بعضها و امّا الثانية و هي افادة المنقطع المفرغ للحصر كما لو قيل ما جائني إلا حمار فلان ترك المستثنى منه في الكلام انما يكون مع العلم به و بشموله المستثنى فيصير المراد بأصل الكلام نفى المجيء عن كل ما هو صالح للمجيء و أهل له فإذا ثبت للمستثنى و هو الحمار في المثال المذكور أفاد حصر المجيء من بين ما هو صالح للمجيء و أهل له في الحمار هذا و لكن لا يخفى عليك ان هذا المطلب و ان كان فيحد ذاته حقا الا ان لازم ذلك عدم كون الاستثناء منقطعا على التقرير المذكور لانه يصير المستثنى من جنس المستثنى منه و من جملة ما يندرج تحته فيصير تقييد (المصنف) (رحمه الله) بقوله غير مفرغ مستدركا إذ لا يوجد على التقرير المذكور مفرغ منقطع حتى يكون من حكمه عدم افادة الحصر لتحرز عنه بالتقييد المذكور و لا يتوهم انّه يصحّ ان يكون المستثنى منه في مثل قولنا ما جائني الا حمار مفهوما كليا غير شامل للحمار كالقوم و نحوه و يقام قرينة للدلالة على ذلك المستثنى منه لأنا نقول ان ذلك لا يجدى في استقامة كلام (المصنف) (رحمه الله) لأن إفادة مثل ذلك الكلام للحصر ممنوع مضافا الى ان الظاهر من مساق كلمات النحاة انهم لا يريدون بالمفرغ الا ما كان المستثنى منه المنوي شاملا للمستثنى و يدل على هذا كلام الشيخ الرضي (رحمه الله) حيث قال في طي كلام له في ذيل قول ابن الحاجب و يعرب على حسب العوامل إذا كان المستثنى منه غير مذكور و هو في غير الموجب ما نصه و في المفعول المطلق إذا كان للتأكيد و وقع بعد إلّا اشكال كقوله (تعالى) إِنْ نَظُنُّ إِلّٰا ظَنًّا و ذلك لان المستثنى المفرغ يجب ان يستثني من متعدد مقدر معرب بإعراب المستثنى المستغرق لذلك الجنس كما تقدم حتى يدخل فيه المستثنى بيقين ثم يخرج بالاستثناء و ليس مصدر نظن محتملا مع الظن غيره حتى يخرج الظن من بينه و حله ان يقال محتمل من حيث توهم المخاطب إذ ربما تقول ضربت مثلا و قد فعلت غير الضرب مما يجرى مجراه كالتهديد و الشروع في مقدمات الضرب فتقول ضربت ضربا لرفع ذلك التوهم كما انك إذا قلت جائني زيد جاز ان يتوهم انه جائك من يجرى مجراه فتقول جائني زيد زيد لرفع هذا الوهم فلما كان قولك ضربت محتملا للضرب و غيره من حيث التوهم صار المستثنى منه فيما ضربت الا ضربا كالمتعدد الشامل للضرب غيره من حيث (صح) الوهم فكأنك قلت ما فعلت شيئا إلا ضربا قال و ما اغترّه الشيب الّا اغترارا قال ابن يعيش هذا الكلام محمول على التقديم و التأخير اى ان نحن الا نظن ظنا و ما اغتره الا الشيب اغترارا و هو تكلف انتهى و كيف كان فالاية المذكورة قد اجتمع فيها القيدان و لو فرض انه لا مدخل للقيد الثاني لم تفد الحصر (أيضا) لكون الاستثناء منقطعا لأن مؤدى أصل الكلام انما هو النهى عن أكل المال بالباطل و استثنى منه التجارة الناشئة عن التراضي المسبوقة به فيثبت الإباحة بالنسبة إليها و لا يلزم من ذلك حرمة التجارة التي لحقها التراضي لعدم دخولها في أكل المال بالباطل فلا مانع من ان تكون هي (أيضا) كالمسبوقة مباحة فلم تفد الآية المذكورة الحصر

[الرضا المتأخر ناقل أو كاشف]

قوله ثم على القول بالكشف هل للطرف الغير المكره ان يفسخ قبل رضا المكره أم لا يأتي بيانه في الفضولي (إن شاء الله) (تعالى)

اعلم انه لا إشكال في جواز تصرف المكره في ماله قبل الرّضا بالعقد المكره عليه و لا يتوقف على إنشاء فسخ منه و احتمال توقفه عليه مدفوع بالأصل بل بظاهر الأدلّة و اما الطرف الأخر المقابل للمكره فالذي ذكره فيه بعض المعاصرين انه لا يبعد ان له التصرف في ماله (أيضا) للأصل و الاستصحاب و العمومات و ان لم يكن له فسخه و في الجواهر ان عقد المكره حيث يكون كالفضولي فيجب انتظار غير المجبور و ليس له الفسخ قبل فسخ المجبور و عن بعضهم ان القول بوجوب انتظاره مخالف لظاهر الشريعة و (المصنف) (رحمه الله) بنى المسئلة على القول بالكشف نظرا الى ان الإجازة على القول بالنقل لها مدخل في العقد شرطا أو شطرا فما لم يتحقق الشرط أو الجزء لم يجب الوفاء على أحد من المتعاقدين لان ما أمر بالوفاء به انما هو العقد المقيد الذي لا يوجد الا بعد القيد و هذا هو الذي صرّح به فيما سيأتي (إن شاء الله) (تعالى) في مقابل ما استظهره من المحقق الثاني (رحمه الله) من عدم جواز تصرف الأصيل في ماله حتى على القول بالنقل و على هذا فيبقى الكلام على القول بالكشف فالذي حكاه هناك عن جماعة منهم العلامة (رحمه الله) و السيّد عميد الدين و المحقق الثاني (رحمه الله) هو عدم جواز التصرف و ما حكاه عن بعض معاصريه هو الجواز و ستعرف التفصيل (إن شاء الله) (تعالى) و وجه الفرق بين القول بكون الإجازة ناقلة و كونها كاشفة هو انه على الأول لم يتحقق قبل صدورها عمن من شانه صدورها عنه انتقال ماله الى غيره و الإجازة ان صدرت من أهلها و انما تفيد النقل من حين صدورها فيجوز له التصرف فيه و امّا على الثاني فإن شأن الإجازة لما كان هو الكشف عن الصحّة العقد و انتقال المال من حين وقوع العقد و قد كان من المحتمل لحوقها سرى هناك احتمال كون المال في الواقع ملكا للطرف الأخر فلا يجوز له التصرف فيه فيجب عليه الانتظار الى ان يعلم الحال من جانب المكره انه يخبر أو يرد و ليس له التمسك بأصالة عدم وقوع الإجازة من المكره بعد ذلك من جهة الشك في انه هل تصدر منه في المستقبل أم لا لان العقل يحكم بالاحتياط و الانتظار فيما وقع عنوان دار امره بين كونه ممّا يترتب عليه حكم إلزامي بالفعل لكن لم يعلم به المكلف و ينكشف بعد ذلك و بين كونه مما لم يترتب عليه ذلك و أدلة الأصول اللفظية اما منصرفة الى غير مثل هذا المورد أو مخصّصة بحكم العقل لكون طريقي الإطاعة و العصيان موكولين اليه و لذلك حكموا في منذور الصدقة به على تقدير غير معلوم التحقق بلزوم الانتظار و عدم جواز التصرف فلو نذر أضحية شاة ان قدم مسافرة لم يجز له التصرف فيها الى ان يتبين وقوعه أو عدمه هذا و قد يحتمل التفصيل في أصل المسئلة بان الطرف الأخر ان كان عالما بكون صاحبه مكرها على المعاملة لم يجز له التصرف في ماله و وجب عليه انتظار مال حال المكره من الإجازة أو الرد لأنه أقدم على معاملة المكره الّتي هي مما يحتمل فيه الأمران بسوء اختياره فلا بد من ان يلتزم بلازم ذلك و ان لم يكن عالما جاز له التصرف من دون فرق في القسمين بين القول بالنقل و بين القول بالكشف غاية ما في الباب انه في صورة جهله بكون صاحبه مكرها يثبت له الخيار من جهة ان انتظار المكره الى ان يرد أو يخبر ضرر عليه و هذا و ان لم يكن مندرجا تحت عنوان خاص من عناوين الخيار المقررة الا ان اقسامه غير منحصرة في العناوين الخاصة المقررة بل كل مورد يجيء فيه الضرر من جهة الصّبر و الانتظار يجيء فيه الخيار و ربما ظهر من بعض من تأخر الميل الى اختياره لكنه ينافي ما بنى عليه في كثير من الموارد من ان التمسك بأدلّة الضرر و نحوها من العمومات التي تطرق إليها كثرة التخصيص لا يعمل بها إلا في المورد الذي

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست