responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 266

الشروط الثلاثة المذكورة عن غيرها و هو فساد العقد بوقوع الاختلاف فيها بين المتعاقدين من اعتبار شيء منها و عدمه و لا بد من ان يكون ناهضا بإفادة الفرق بينها و بين غيرها مما ذكر من الصّراحة و العربيّة و الماضويّة و التّرتيب بين الإيجاب و القبول و لكن يتجه عليه بحسب (الظاهر) انه غير واف بذلك لان غير الثلاثة أيضا يجري فيه هذا التعليل و ذلك لان لقائل أن يقول ان الموجب إذا اتى بالإيجاب بصيغة المضارع باعتقاد مشروعية ذلك لم يجز من القائل ببطلان هذا تعقيب هذا الإيجاب بالقبول و لكنه بعد التأمّل في مقابلة هذا الكلام بقوله هذا إذا كان بطلان العقد عند كل من المتخالفين مستندا الى فعل الأخر كالصّراحة (انتهى) يظهر حقيقة مراده على وجه يتضح به الفرق بين قسمي الشروط و بيان ذلك انه إذا أوجب الموجب بصيغة المضارع مثلا و اتى القائل بالقبول بصيغة الماضي فقد وقع العقد بجزئيه أعني الإيجاب و القبول و لو فرض فيه بطلان عند القابل لم يكن الا من جهة فعل الموجب و هو إيجابه بصيغة المضارع و الا فليس في فعل القابل خرازة أصلا لعدم كونه بنفسه فاقد الشرط معتبر فيه نعم يصح انتزاع صفة للقبول باعتبار متعلّقة الذي هو مصاحبه و ملابسه عنى الإيجاب (فيقال) على مذهب القابل ان هذا القبول فاسد الإيجاب كما هو الشأن في كل من أمرين لأحدهما ملابسة بالنّسبة إلى الأخر (فيقال) في شأن زيد اللئيم إذا كان اخوه كريما زيد كريم الأخ لكن مثل ذلك ليس من قبيل الأوصاف الأصلية الثابتة للموصوف من حيث هو و معيار الفرق في هذا المقام انما هو الوصف الأصلي ففي القسم الأوّل الذي منه مثال الإيجاب بصيغة المضارع لا يثبت عند القابل للعقد فساد الا من جهة الإيجاب و لا يثبت للقبول من حيث هو وصف الفساد و ان ثبتت له الصّفة المنتزعة باعتبار متعلقة التي لا عبرة بها و هذا بخلاف القسم الثاني فإن انتفاء كل من افراده الثلاثة يوجب انتفاء وصف أصلي من العقد الّذي أحد جزئية القبول فلا يجوز للقابل مثلا تعقيب الإيجاب بقبوله لذلك فهو (رحمه الله) و ان لم يصرح بان عدم جواز تعقيب القابل للإيجاب المذكور بالقبول انما هو لفوات الوصف لكن لما صرّح في القسم الأوّل بأنه ليس هناك عند القابل مثلا وجه فساد في العقد سوى فعل الموجب الّذي لا يحصل منه سوى الوصف المنتزع علم ان القسم الثاني لا بد فيه من وجه فساد ليس على حدّ وجه الفساد في الأوّل بأن ينتفي عنه وصف أصلي هذا هو القول على وجه كلى و امّا بيان كون انتفاء كل من الافراد موجبا لانتفاء الوصف فهو ان الموالاة لا يتحقق لها بحسب ملاحظة مادتها و هيئتها معنى الا بين الاثنين فهي صفة معتبرة بين الإيجاب و القبول يتصفان هما بها فبانتفائها يزول من كل من الإيجاب و القبول وصف أصلي و ليس من قبيل ما كان بطلان العقد عند واحد منهما مستندا الى فعل الأخر لفوات وصف من العقد و من كلّ من الإيجاب و القبول بفوات الموالاة عند القائل باعتبارها في العقد و امّا التنجيز فإنّه و ان لم يكن بصيغته مفيد المعنى يجرى بين الاثنين كالموالاة الا انّ التّعليق في أحد الطرفين من الإيجاب و القبول يسرى الى تمام العقد لكونه امرا معنويّا يتغير به المعنى و ليس كالأوصاف اللفظية الّتي لا تسرى من أحدهما إلى الأخر كالماضوية المتصف بها الإيجاب مثلا فإنها لا تسرى الى القبول الذي لم يتع بصيغة الماضي بخلاف التعليق فإنّه يسرى الى صاحبه و الى تمام العقد مثلا لو قال الموجب ان جاء زيد يوم الجمعة فقد بعتك كذا بكذا و قال صاحبه قبلت البيع فان القبول يصير قبولا متزلزلا لانه قبول بيع معلّق على مجيء زيد يوم الجمعة فمع انتفاء مجيئه ينتفي الإيجاب و كذا القبول فلا إيجاب و لا قبول و بهذا الاعتبار يصير مجموع العقد اعنى المفهوم المحصل من الإيجاب و القبول المعبر عنهما بالعقد متزلزلا و بعبارة أخرى هذه المعاقدة و المعاهدة الخاصة متزلزلة و عند انتفاء المعلق عليه تنتفي المعاهدة الخاصة و لا استبعاد في سراية بعض الأوصاف من أحد المتصاحبين الى الأخر لأن ذلك مما بعزّ وجوده فان حلاوة السّكر تسرى الى الماء عند مصاحبته له و النجاسة تسرى من المتنجس إلى ملاقيه كما تسرى من الجزء الملاقي إلى الكل و امّا بقاء المتعاقدين على صفة صحة الإنشاء فالأمر فيه أوضح (مطلقا) عند (المصنف) (رحمه الله) حيث انه يرى ان العقد متصف بصفة الوحدانيّة بمعنى ان كونهما متصفين بصفة صحة الإنشاء من أوّل الإيجاب إلى

أخر القبول شرط في صحّة العقد بتمامه فإذا خرج أحد المتعاقدين عن صفة صحّة الإنشاء فقد انتفى ما هو شرط في تمام العقد و انتفى بانتفاء شرطه بل لا يتحقق للمعاقدة و المعاهدة معنى عند انتفاء البقاء على صفة صحة الإنشاء عند القائل باعتباره على ما عرفت من البيان في كلامه و ان كان هذا الوجه لا يجرى عندنا (مطلقا) بل في بعض الشروط كما عرفت البيان من كلامنا فتدبر

قوله (رحمه الله) فتأمل

(الظاهر) انه اشارة إلى توهين ما ذكره من الفرق بين القسمين و ذلك لان الموالاة و ان كانت بصيغة المفاعلة الا انّها من حيث اعتبارها بين التدريجيات ليس معناها بحسب التدقيق و التحقيق إلّا عبارة عن لحوق المتأخر بالمتقدّم و اتصاله به ضرورة انه ليس للمتقدم خصوصا بعد وجوده حالة يصحّ معها اسناد الاتصال اليه فإذا فرض ان زيدا جاء و جاء بعده عمر و بلا مهلة و وصف مجيئهما بالموالاة لم يكن معناه الا ان عمرو الحق زيدا بلا مهلة إذ ليس لزيد فعل اختياري في اتصال مجيئه بمجيء زيد ففي الحقيقة لا يبقى للمتقدّم الا وصف منتزع من لحوق المتأخر به بلا مهلة و امّا التنجيز فنقول فيه ان ما ذكر في توجيه الفرق بينه و بين القسم الأوّل من كون التّعليق يسرى الى صاحبه و كذا الى مجموع العقد حق في الجملة إلا ان السّاري ليس هو عين ذلك الوصف الحقيقي و انما الساري أمر منتزع عند التدقيق و ليس متأصلا و ان شئت توضيح ذلك فانظر الى المثال الذي تقدّم ذكره بعين البصيرة و الاعتبار و هو ما لو قال الموجب ان جاء زيد يوم الجمعة فقد بعتك كذا بكذا فقبل القابل ذلك البيع بخصوصه فانّ القبول منجز لكنه قبول إيجاب معلّق و القبول المنجز المتعلق بالإيجاب المعلق لا يصير بسبب تعلقه به معلقا حقيقة و انما يصير معلقا على الحقيقة لو علق نفس القبول فقال ان جاء زيد قبلت و على هذا فلو قبل ان القبول معلق فمعناه ان في الإيجاب تعليقا فإذا تحقق المعلق عليه تحقق الإيجاب و إذا تحقق تحقق قبوله المتعلق به و الا فعند التحقيق قبول البيع المعلق على مجيء زيد يوم الجمعة ليس معلقا في الحقيقة و من هنا علم ان ما نحن فيه ليس من قبيل الماء المخلوط بالسّكر و الماء الملاقي للماء المتنجس و امّا البقاء على صفة صحّة

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 2  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست