responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 57

ان لم يقم الدليل على عدمه ثانيهما انه على تقدير وجود الشرائط و انحصار البائع فيه لا يجب تعجيز من يعلم انه سيهمّ بالمعصية إذا لم يقم عليه دليل و الذي قام عليه الدليل و ثبت عقلا و نقلا انما هو وجوب ردع من همّ بها و أشرف عليها بحيث لو لا الردع لفعلها أو استمر عليها و ما نحن فيه انما هو من قبيل الأول دون الثاني فلا مانع من ان يقال انه يجوز البيع لكن لما صار الحال الى ان همّ بالمعصية التي هي شرب الخمر مثلا وجب النهى عن المنكر فليس المقام من قبيل النهى عن المنكر حتى يجيء فيه أدلته الا انه قد يدعى انه اولى منه بذلك لان دفع المنكر من أصله أولى من رفعه بعد إمكانه عادة و لا أقل من مساواته له عقلا و نقلا كما صار اليه بعضهم و لكنه محل نظر ان لم يندرج في النهي عن المنكر و عن الرّابع بأنه منصوص عليه من جانب الشارع بخصوصه فلا يتعدى الى غيره و عن الخامس بأنه ممنوع و عن السّادس بأن غاية ما يأتي منه هو دلالته بالالتزام على حرمة بيع العنب ممن يعمله خمرا و بعد صراحة النصوص المعتبرة في جواز البيع منه لا إشكال في إلغاء الدلالة الالتزامية لأنها تكشف عن عدم ارادة اللازم

قوله الى غير ذلك مما هو دونهما في الظهور

أراد (رحمه الله) بما دونهما في الظهور غير ما يشهد بالجمع بين الاخبار بحمل ما دل منها على المنع على الكراهية كما لا يخفى على من تدبر و ذلك كصحيحة البزنطي عن ابى الحسن (عليه السلام) عن بيع العصير فيصير خمرا قبل ان يقبض الثمن فقال (عليه السلام) لو باع تمرته ممن يعلم انه يجعله حراما أو خمرا كما عن التهذيب لم يكن بذلك بأس و اما إذا كان عصيرا فلا يباع الا بالنقد و خبر يزيد بن خليفة الحارثي عن الصّادق (عليه السلام) قال سئله رجل و انا حاضر قال ان لي الكرم فأبيعه عنبا قال فإنه يشتريه من يجعله خمرا قال بعه إذا كان عصيرا قال انه يشتريه منى عصيرا فيجعله خمرا في قريتي قال بعته حلالا فجعله حراما فأبعده اللّه و كون هاتين الروايتين دون ما ذكره (رحمه الله) من الاخبار غير خفي على من لاحظ مساقها

قوله منها خبر ابن أذينة قال كتبت الى ابى عبد اللّه (عليه السلام) اسئله عن رجل له كرم يبيع العنب ممن يعلم انه يجعله خمرا أو مسكرا فقال انما باعه حلالا في الإبان الّذي يحل شربه أو أكله فلا بأس ببيعه

قال في الوافي السّكر محركة يقال للخمر و النبيذ يتخذ من التمر و لكل مسكر انتهى و قال في مجمع البحرين ابّان الشيء بالكسر و التشديد وقته يقال كل الفواكه في إبّانها انتهى و معلوم ان أكله إشارة إلى اكله و هو عنب و شربه إشارة إلى شرب عصيرة

قوله لشهادة غير واحد من الاخبار على الكراهة كما افتى به جماعة و يشهد له رواية رفاعة عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا قال بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب الى و لا ارى به بأسا

لم أجد في الاخبار ما يدل على الكراهة مما عدا ما ذكره (المصنف) (رحمه الله) الا ان يتمسك بما ذكره بعضهم من ان ما غبر عنه بأنه لا بأس فيه ففيه بأس لكن لا يفيد في توجيه كلام (المصنف) (رحمه الله) لان خبر ابن أذينة الذي استند اليه مشتمل على نفى البأس هذا و ليست الرواية التي ذكرها رواية رفاعة ففي الوسائل مسندا عن رفاعة بن موسى قال سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) و انا حاضر عن بيع العصير ممن يخمره قال حلال ا لسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شرابا خبيثا و فيها بعد هذه الرواية بلا فصل مسندا عن الحلبي عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) انه سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا فقال بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب الى و لا أرى بالأول بأسا و لعله لذلك اشتبه الأمر عند النقل ثم انّه ربما يورد على هذا الجمع بأنه لا يتم في خبر جابر لعدم قابليته للحمل على الكراهة لما عرفت من الحكم فيه بحرمة الأجرة و اين هي من الكراهة إذ ليست الا لبيان حكم وضعي ملازم للحرمة بل الفساد مضافا الى انه لا وجه لتعيين التصرف في الاخبار المانعة مع إمكان توجيه التصرف و الحمل الى اخبار الجواز ايضا فقد ذكر المحقق الأردبيلي (رحمه الله) من الوجوه التي يمكن حملها عليها أمرين قد عرفت الإشارة إليهما أحدهما و هم البائع ان المشترى يعمل هذا المبيع خمرا لكونه ممن يجعله خمرا و ثانيهما ان يكون الضمير راجعا الى مطلق العصير و زاد غيره ثالثا و هو احتمال جعل الخمر في خبر ابن أذينة للتخليل أو الجبر عليه و رابعا و هو حمله على كونه لأهل الذمة الذين لهم ان يفعلوا ذلك و خامسا و هو حمله على عدم العلم بجعله خمرا فالأولى ان يقال ان اخبار المنع لا تقاوم اخبار الجواز لكثرتها و قوة أسانيدها و ظهور دلالتها بل صراحة بعضها في المطلب كما اعترف به صاحب الرياض (رحمه الله) مع استشكاله في الجواز مع الكراهة مضافا الى تأيدها بالشهرة و السيرة لقيامها من المسلمين على المعاملة مع الملوك و الأمراء فيما يعلمون صرفه في تقوية الجند و العساكر المساعدين لهم على الظلم و الباطل و اجارة الدور و المساكن و المراكب لهم لذلك و بيع المطاعم و المشارب على الكفار و الفجار في نهار رمضان مع علمهم بأكلهم فيه و بيعهم بساتين العنب منهم مع العلم العادي بجعل بعضه خمرا و بيع القرطاس منهم مع العلم بان منه ما يتخذ كتاب ضلال و على هذا ان شئت فقل ان اخبار المنع مطروحة و ان شئت فقل بحمل بعضها على الكراهة و بعضها على صورة اعتباره غاية في نظرهما و لو بان يكون غاية في نظر المشتري بالأصالة و في نظر البائع بالتبع حيث بذل المشتري أزيد من غيره أو لم يتفق مشتر غيره فباعه منه لرضاه بفعله و ليجعله خمرا و ان لم يكن قاصدا الى ذلك بالأصالة و هذا يتفق كثيرا و مثله الحال في إجارة البيت ليباع فيه الخمر و بيع الخشب ليعمل صنما و يمكن فرض الغاية في غير ذلك كما لو فرض انه لا يسهل له شراء الخمر من غير بيته فيواجره ليباع فيه الخمر ليسهل عليه الشراء أو انه لا يتمكن من عمل الخمر بنفسه فيبيعه ليعمله خمرا فيتمكن من الوصول اليه الا ان أمثال ذلك بعيدة عن مساق الاخبار و الوجه هو الأول و إذ قد عرفت ذلك علمت من تعدد وجوه الحمل ان لك ان تحمل كلا من الاخبار على ما يليق به و لا يلزم حمل الجميع على محمل واحد و قد يقال بحمل خبر جابر على شدة الكراهة بأن يجعل حرمة الأجرة كناية عن شدة الكراهة للمبالغة في شدتها حتى انها بلغت حدا يمكن معه ان يقال انه لا يصحّ المعاملة كما يقال بحمل مكاتبة ابن أذينة و رواية عمرو بن حريث على الكراهة و على هذين التقديرين لا يكون حرمة المعاملة مع الشرط أو الطواطى مدلولا عليها بالاخبار فيكون الدليل عليها هو الإجماع دون الاخبار و لا ضير في ذلك و قد يقال ان اخبار الجواز موافقة للتقية لكون زمان الباقر و الصادق (عليهم السلام) زمان الخلفاء المدمنين لشرب الخمر و شيوع ذلك بين أعوانهم و لهذا لا نجد خبرا مانعا في مسئلة بيع العنب ممن يعلم انه يعمله خمرا فيصير ذلك سببا لرجحان اخبار المنع عليها و فيه مضافا الى النقض بخبر جابر في المنع عن اجارة البيت لمن يبيع فيه الخمر و هو مشارك لبيع العنب ممن يعلم انه يعمله

خمرا فيما ذكره من المانع ان ذلك مجرد احتمال ضعيف غير مجد في مقابلة الأخبار المجوزة الكثيرة المؤيدة بالمؤيدات المعتبرة التي تقدم ذكرها

قوله و قد يستشكل في صدق الإعانة بل يمنع حيث لم يقع القصد الى وقوع الفعل من المعان بناء على ان الإعانة هي فعل بعض مقدمات فعل الغير بقصد حصوله منه لا (مطلقا)

لا يخفى ان كلامه يعم ما لو حصل التوصل و ما لو لم يحصل و ان حرمة إيجاد المقدمة لفعل الغير المحرم ليست غيرية و انما هي نفسية مدلول عليها بآية النهى عن المعاونة و قد صرح بذلك بعض المحققين في مقدّمة فعل نفسه المحرم حيث قال لو قصد بفعل المقدمة التوصل الى الحرام كان محرما لقيام الدليل على تحريم الأفعال التي يقصد بها المحرمات و هو (حينئذ) حرام نفسي فلا ربط له بالمقام و لا فرق اذن بين ما حصل التوصل بها الى الحرام أم لا انتهى فهو (رحمه الله) بيّن في كلامه هذا أمرين أحدهما ان حرمة هذا القسم من المقدمة ليست غيرية و انما هي نفسية مدلول عليها بالأدلة و (الظاهر) انه أشار الى ما دل على حرمة المعاونة على الإثم فإنها و ان كانت بمنطوقها تفيد إيجاد مقدمات فعل الغير الا انها

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست