responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 50

فيما ذكر فيها من ان الخمر تقتله و ذلك لان من المعروف ان من بلغ به العطش حد النهاية ان شرب الماء دفعة تصدع كبده فمات و لهذا تعارف عند أهل البادية ان من كان حال ذلك يذيبون له السمن و يحررونه حرارة خفيفة فيشربونه إياه و من أضره الماء في مثل الحالة المذكورة يضره الخمر (أيضا) و يقتله و بعد ذلك كله نقول التحقيق المطابق لما هو مسلك اهله هو ان روايات الجواز مما افتى بمضمونها الأكثر بل من عدا الشيخ (رحمه الله) و انها موافقة لعمومات الاضطرار و دليل ارتفاع العسر و الضرر بل دليل العقل فلا تقاومها روايات المنع و بعد ذلك لا حاجة بنا الى تجشم البحث عن أحوال أسانيد الطرفين

المسئلة الثانية في حكم التداوي بها من المرض شربا

و قد رفع الخلاف فيه فمنع منه جماعة منهم المحقق في كتاب الأطعمة من (الشرائع) و العلامة (رحمه الله) في الإرشاد حيث قال و لا يجوز التداوي بشيء من الأنبذة و لا بشيء من الأدوية معها شيء من المسكر أكلا و شربا انتهى و مثله عبارة المحقق بتفاوت يسير و هذا القول هو (المشهور) بين الأصحاب و نقل عن (الخلاف) دعوى الإجماع عليه كما في (حاشية الإرشاد) للمحقق الأردبيلي (رحمه الله) و عن (المسالك) و نسبه في كشف اللثام إلى الأكثر و اجازه جماعة منهم القاضي (رحمه الله) و ابن إدريس (رحمه الله) و الشهيد (رحمه الله) في الدروس و صاحب الكفاية على ما حكى عنهم و فصل العلامة (رحمه الله) في (المختلف) و الشهيد الثاني و صاحب المفاتيح على ما حكى عنهم فجوزوا التناول و المعالجة مع خوف تلف النفس (مطلقا) و منعوا فيما دونه عن المسكرات أو كل محرم و قال العلامة (رحمه الله) في القواعد كل ما لا يؤدى الى قتل معصوم حل كالخمر لازالة العطش و قيل يحرم و اما التداوي به فحرام ما لم يخف التلف و يعلم بالعادة الصّلاح ففيه (حينئذ) إشكال و كذا باقي المسكرات و كل ما مازجها كالترياق و شبهه أكلا و شربا انتهى و ظاهره التفصيل بين خوف التلف بتركه مع العلم بالصلاح بتناوله بالتوقف (حينئذ) و بين غيره فيحرم قطعا و هذا غير القول المحكي عن (المختلف) و محمل النزاع في هذه المسئلة هو ما لو انحصر الدواء في الخمر و اما صورة عدم الانحصار فلا نزاع في حرمتها بل الكل ملتزمون بها كما صرح به في كشف اللثام قال في ذيل قول العلامة (رحمه الله) و اما التداوي به فيحرم (انتهى) ما لفظه اما إذا لم ينحصر الدواء فيه فظاهر متفق عليه و امّا عند الانحصار (فكذلك) عند الأكثر انتهى و وافقه في نفى الخلاف عن الحرمة مع عدم الانحصار صاحب الجواهر (رحمه الله) و يعطيه كلام صاحب المستند (رحمه الله) حيث قيد العنوان بالانحصار و استدل صاحب الجواهر (رحمه الله) على عدم الجواز في صورة العلم بعدم الانحصار مضافا الى كونه مجمعا عليه غير متنازع فيه بإطلاق أدلة التحريم السالمة عن معارضة الرخصة فيه للمضطر المعلوم عدم تحققه في الفرض ثم قال بل لعله (كذلك) مع عدم العلم بالانحصار العدم تحقق عنوان الرخصة (أيضا) انتهى و هو جيد حجة القول الأول عمومات حرمة المسكرات أو مع سائر المحرمات كتابا و سنة و خصوص الاخبار و هي كثيرة منها صحيحة الحلبي قال سئلت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن دواء عجز بالخمر فقال لا و اللّه ما أحب ان انظر اليه فكيف أتداوى به انه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير و ترون أناسا يتداوون به و حسنة عمر بن أذينة قال كتبت الى ابى عبد اللّه (عليه السلام) اسئله عن الرجل بيعت له الدّواء من ربح البواسير فيشربه بقدر سكرجة من نبيذ صلب ليس يريد به اللذة انما يريد به الدّواء فقال لا و لا جرعة و قال ان اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء مما حرم دواء و لا شفاء قال المحقق الأردبيلي (رحمه الله) بعد ذكر الروايتين و الروايات كثيرة و هما أوضحهما سندا و الباقية ضعيفة و رواية قائد بن طلحة انه سئل أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن النبيذ يجعل في الدواء قال لا ينبغي لأحد ان يستشفى بالحرام و رواية عمر بن يزيد قال حضرت أبا عبد اللّه (عليه السلام) و قد سئله رجل به البواسير الشديد و قد وصف له دواء سكرجة من نبيذ صلب لا يريد به اللذة بل يريد به الدواء فقال لا و لا جرعة قلت و لم قال لانه حرام و ان اللّه لم يجعل في شيء مما حرمه دواء و لا شفاء و رواية الحلبي قال سئلت أبا عبد اللّه (عليه السلام) من دواء يعجز بالخمر لا يجوز ان يعجز به انما هو اضطرار فقال لا و اللّه لا يحل للمسلم ان ينظر اليه فكيف يتداوى به و انما هو بمنزلة شحم الخنزير الذي يقع في كذا و كذا لا يكمل به فلا شفاه اللّه أحدا شفاه خمرا أو شحم خنزير و رواية ابن ابى يعفور قال كان إذا أصابته هذه الأوجاع فإذا اشتد به شرب الحسو من النبيذ فتسكن عنه فدخل على ابى عبد اللّه الى ان قال فأخبره بوجعه و شربه النّبيذ فقال له يا بن ابى يعفور لا تشربه فإنه حرام انما هذا شيطان موكل بك فلو قد يئس منك ذهب فلمّا رجع الى الكوفة هاج به وجع أشد مما كان

فأقبل أهله عليه فقال لا و اللّه لا أذوقن منه قطرة فيئسوا منه و اشتد به الوجع أياما ثم اذهب اللّه عنه فما عاد اليه حتى مات و رواية أبي بصير قال دخلت أم خالد العبدية على ابى عبد اللّه (عليه السلام) و انا عنده فقالت إنه يعتريني قراقر في بطني و قد وصف إلى أطباء العراق النبيذ بالسويق فقال ما يمنعك من شربه فقالت قد قلدتك ديني قال فلا تذوقي منه قطرة لا و اللّه لا اذن لك في قطرة منه فإنما تندمين إذا بلغت نفسك الى هيهنا و أومى بيده الى حنجرته بقولها ثلثا ا فهمت فقال نعم قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) ما يبل الميل ينجس حبا من ماء يقولها ثلثا و رواية على بن أسباط عن أبيه قال كنت عند ابى عبد اللّه (عليه السلام) فقال له رجل ان بي أرواح البواسير و ليس يوافقني إلا شرب النبيذ قال فقال مالك و لما حرم اللّه و رسوله يقول ذلك ثلثا عليك بهذا المريس الذي تمرسه بالليل و تشربه بالغداة و تمرسه بالغداة و تشربه بالعشي فقال هذا ينفخ البطن فقال ادلك على ما هو أنفع من هذا عليك بالدعاء فإنه شفاء من كل داء قال فقلنا له فقليله و كثيره حرام قال نعم قليله و كثيره حرام و عن تفسير العياشي عن شيخ من أصحابنا عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال كنا عنده فسيلة شيخ فقال ان بي وجعا و انا أشرب له النبيذ و وصفه له الشيخ فقال ما يمنعك من الماء الذي جعل اللّه منه كل شيء حي قال لا يوافقني قال فما يمنعك من العسل قال اللّه (تعالى) فيه شفاء للناس قال لا أجده قال فما يمنعك من اللبن الذي نبت منه لحمك و اشتد عظمك قال لا يوافقني قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) تريد أن أمرك بشرب الخمر لا و اللّه لا أمرك و رواية إسماعيل بن محمّد قال قال جعفر بن محمد (عليه السلام) نهى رسول اللّه عن الدواء الخبيث حجة القول الثاني صدق الاضطرار و الضرورة المجوزين للتناول في مفروض المسئلة و هو صورة الانحصار مع توقف العلاج عليه و أدلة نفى العسر و الحرج و الضرر و الضرار و رواية المفضل و هي طويلة و فيها علم تعالى ما يقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله لهم و اباحة تفضلا منه عليهم به و لمصلحتهم و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرم عليهم ثم اباحه للمضطر فأحله في الوقت الذي لا يقوم بدنه الا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة الحديث و فحوى موثقة الساباطي في الخمر عن الرجل اصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا قال يشرب منه قوته و فحوى رواية سماعة المحكية عن طب الأئمة عن رجل كان به داء فأمر بشرب البول فقال لا يشربه فقلت انه مضطر الى شربه قال ان كان مضطرا الى شربه و لم يجد دواء لدائه فليشرب بوله و اما بول غيره فلا حجة القول الثالث اما على الجواز عند خوف تلف النفس فهي قوله تعالى وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ و قوله تعالى وَ لٰا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ و قوله تعالى وَ لٰا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّٰهُ إِلّٰا بِالْحَقِّ و وجوب حفظ النفس عقلا و نقلا و كون محافظتها مقدمة على أكثر الواجبات و اما على عدم الجواز فيما عداه فهي الأخبار التي تمسك بها أرباب القول الأول حجة القول الرابع اما على عدم الجواز في الشق الثاني من تفصيله فهي الإطلاقات الدالة على التحريم و اما على التوقف في الشق الأول فهي ما ذكره في كشف اللثام في بيان منشإ الاشكال المذكور في عبارة القواعد بقوله من عموم قوله تعالى وَ لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ و من عموم أخبار النهي عن التداوي به و انه تعالى لم يجعل الشفاء في محرم و الأظهر عندي جواز شربه للتداوي فيما إذا كان هناك خوف تلف النفس بتركه و كان المريض عالما بالصلاح بشربه عادة و لا مجال للتوقف (حينئذ) بوجوب حفظ النفس عقلا و شرعا فهو حكم قطعي و لهذا جاز في مقام الضرورة كما عرفت و لم يعلم من الاخبار خلافه لورودها في القراقر و ريح البواسير و نحوهما و اما التعليل بنفي الشفاء في الحرام (فالظاهر) انه ناظر الى ان مثل لا يبيح شرب الخمر فهو

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست