responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 10

فلا يصحّ التمسّك به الّا بما يتقن إرادته منه أو دل على كونه مرادا عمل الأصحاب حتى يصير جابر الوهن دلالته من جهة كشفه عن القرينة و يعلم من هذا ان الأول لا وجه لكونه مرادا لمخالفة الإجماع و الضّرورة لوضوح ان كلّ واحد من المباحات لا بد و ان يعرضه الحرمة في شيء من الموارد حتى ان الماء قد يحرم على شخص لكونه مضرا به كالمستسقى و من المعلوم فساد الحكم بحرمة ثمن الشيء المباح إذا حرم في شيء من الموارد سواء كان الحكم بحرمة الثمن (مطلقا) أو في ذلك المورد فيتعين أحد الأخيرين و مقتضاهما فساد العقد اما على تقدير تحريم جميع الأفعال و المنافع المتعلقة بذلك الشيء الّذي هو متعلق العقد فظاهر لان من جملتها العقد عليه ببيع و نحوه و اما على تقدير كون المراد تحريم الخواص الظاهرة فلان العقد عليها من تلك الجملة (أيضا) فيؤل محصّل الحديث الى محصّل النهى عن العقد للإرشاد إلى فساده أو للتحريم الذي منشؤه الفساد قلت لا يخفى عليك سقوط الإيراد لأن التحريم و نحوه إذا تعلق بشيء من الأعيان لم يكن الا متعلقا بما هو معدود من خواص ذلك الشيء و منافعه بحيث ينساق عرفا تعلق التحريم بها سواء كانت متساوية أو كان بعضها أظهر من بعض بحيث يكون هو المتعين عرفا عند الإطلاق لا مطلق ما يمكن ان يفرض متعلقا به من الأفعال و من المعلوم عند من له ادنى خبرة بمجاري الاستعمالات العرفية انه لا يفهم في شيء من موارد تعلق الحرمة بالأعيان حرمة بيع العين التي تعلق بها التحريم فدعوى دخول البيع في منافع الأعيان كما صدر من المورد واضحة السقوط خصوصا إذا كان مقصوده كونه من قبيل أظهر الخواص و المنافع

الثاني ان اليد دليل الملك في الشبهات الموضوعية

التي ينشأ الشك فيها من الجهل بحال الموضوع الخاص بغير اشكال فلو وجدت عين تحت يد شخص و لم يعلم كونها ملكه كانت اليد امارة كونه مالكا له و هل تصير دليل الملك في الشبهات الحكمية التي ينشأ الشك من الجهل بالحكم الكلى كما لو تعاقد بالفارسيّة مثلا و تقابضا ثم شككنا في صحة العقد من جهة وقوعه بالفارسية فهل يصحّ التمسك لتملك ما قبضه بان اليد دليل الملك أم لا فالذي حكاه بعض مشايخنا عن موضع من جامع المقاصد و كان لا يذكره بخصوصه هو ان اليد دليل الملك حتى في مثل ما ذكر من الشبهات الحكمية و لكنك خبير بأنه لا وجه له لأن الذي نستفيده من الأدلة الدالة على دلالة اليد على الملك ليس الّا دلالتها عليه في الشبهات الموضوعية فلا ينساق منها ما هو أزيد من ذلك و لا بد من الاقتصار عليه

الثالث انك قد عرفت ان مقتضى الأصل الاولى في المعاملات هو الفساد

الا ان العمومات مثل قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و أمثاله أفادت ان الأصل الثانوي الثابت من جانب الشارع انما هو صحة كل عقد شك في صحته و فساده و هذا القدر ممّا لا كلام فيه و انما الكلام في ان تلك العمومات كما تجري فيما لو أحرز قابلية العوضين للمعاوضة عليهما و شك في صحة نفس العقد و فساده (كذلك) تجري فيما لو شك في أصل قابلية شيء من العوضين للمعاوضة عليه فتعم القسمين أم تختص بالقسم الأوّل مثال الأول انه بعد ما أحرز قابلية المكيل و الموزون للبيع و بيع شيء منهما بعد اعتباره بما يختص به لكن اجرى العقد عليه بغير العربية أو بغير صيغة الماضي و شك في صحته فلا ريب انه (حينئذ) يتوجه قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لان المفروض تحقق العقد فيجيء وجوب الوفاء به و مثال الثاني ان المطلّق زوجته رجعيا لو صالح عن حق الرجوع بشيء ثم شككنا في ان حق الرجوع قابل للمصالحة عنه و المعاوضة عليه أم لا فنقول لا إشكال في جريان عموم قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ في الأول ضرورة قابلية المحل و تحقق العقد و انما الإشكال في انه هل يجرى مثل قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ من العمومات الجنسية و مثل قوله (عليه السلام) لصلح جائز بين المسلمين مما هو من العمومات النوعية في القسم الثاني أم لا و مثله الحال فيما لو شك في صلاحية شيء من الأعيان للمبيع فهل يجرى بعد إيقاع عقد البيع عليه قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قوله تعالى أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ حتى يحكم بصحة البيع مع الشك في قابلية المبيع لإيقاع البيع عليه و يحرز القابلية بالعمومات و يحكم بتحققها بواسطتها أم لا فنقول التحقق عدم جريانها في القسم الثاني و ان كان يترائى من بعض الأواخر التمسك بصحة الصّلح على بعض الحقوق التي لم يعلم من الشارع كونها قابلة للنقل و الصّلح عليه بقوله (عليه السلام) الصّلح جائز بين المسلمين و توضيح الوجه في ذلك ان قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مثلا مسوق لبيان وجوب الوفاء بالعقد من حيث هو عقد لا من غيره من الجهات الأخر من التعرض لمتعلقه و (كذلك) قوله (عليه السلام) الصّلح جائز بين المسلمين مسوق لبيان مضيّ الصّلح و جوازه في الشرع من حيث كونه صلحا و لا نظر له الى الجهات الأخر من المتعلق و غيره و بعبارة أخرى العمومات مسوقة لبيان إمضاء الجنس أو النوع من حيث هما جنس أو نوع لا الى امضائهما من جميع الجهات بان تفيد العموم من صحتهما من جميع الجهات و على هذا فلا يتأتى منها الدلالة على الصحة عند الشك فيما خرج عن حيثية كونه عقدا من قابلية المحل و غير ما و هذا البيان أحسن مما ذكره بعض من تأخر من ان قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ مثلا ناظر إلى إمضاء العقود المقررة بين الناس لا الى تشريع صحة كل ما صدق عليه العقد و على هذا فكل ما حلم انه قد نهى الشارع عن إيقاع العقد عليه لم يجر إيقاعه عليه و كل ما لم يعلم نهى الشارع عن العقد عليه يلزم ان يتبع فيه ما هو المقرر عندهم فلا يفيد قوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ شرعية العقد عليه و صحته و انما يفيد وجوب الوفاء بكل عقد تعلق بشيء الا ان يكون مما نهى عنه الشارع عن إيقاع العقد عليه و انما قلنا ان ما ذكرناه أحسن لان مقتضى هذا البيان انه إذا شك في نهى الشارع عن العقد على شيء كالعذرة مثلا و قد وجدنا ان المقرر عند الناس قبل الشرع و مع قطع النظر عنه هو كون المحل قابلا للبيع عندهم فيبيعونها و يشترونها فاللازم هو جواز التمسك بقوله (تعالى) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لإثبات كون المحل قابلا غاية ما في الباب انه لا يدل على ذلك مستقلا بل بضميمة ملاحظة ما هو المقرر عندهم و هذا خلاف المطلوب من عدم جواز التمسك به اللّهم الا ان يؤل ما ذكره الى ما ذكرنا

[النوع الأول مما يحرك الاكتساب به الأعيان النجسة عدا ما استثنى]

قوله الأول الاكتساب بالأعيان النجسة عدا ما استثنى

اعلم ان المراد بالنجسة في عباراتهم في هذا المقام ما هو أعم من النجس بالذات و النجس بالعارض و يدل على هذا كلام العلامة (رحمه الله) في القواعد حيث قال الأول يعني مما يحرم الاكتساب به كل نجس لا يقبل التطهير سواء كانت نجاسته ذاتية كالخمر و النبيذ و الفقاع و الميتة و الدم و أبوال ما لا يؤكل لحمه و اوراثها و الكلب و الخنزير و أجزائهما أو عرضية كالمائعات النجسة التي لا تقبل التطهير ثمّ استثنى الدهن النجس لفائدة الاستصباح به تحت السّماء خاصة ثم قال و لو كانت نجاسة الدهن ذاتية كالألية المقطوعة من الميتة أو الحية لم يجز الاستصباح به و لا تحت السّماء ثمّ قال و يجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة و صرح في ذيل الكلام بجواز بيع كلب الصّيد و الماشية و الزرع و الحائط و إجارتها و اقتنائها فان في كلامه مواضع من الدلالة على ما ذكرناه و قال في جامع المقاصد في شرح العبارة أي الأول من أقسام المحظور من التجارة الاكتساب بكل نجس لا يقبل التطهير (انتهى) و أراد بالنجس ما يكون عين النجاسة أو متنجسا بإحدى الأعيان النجسة و لهذا قسمه الى ما نجاسته ذاتية و ما نجاسته عرضية و غاية ما فيه ان يريد باللفظ حقيقته و مجازه معا و مدار جواز البيع للأعيان و عدمه على وجود المالية المترتبة على كونه

اسم الکتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب المؤلف : المامقاني، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست