اسم الکتاب : عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام المؤلف : النراقي، المولى احمد الجزء : 1 صفحة : 54
و مرادهم من الأصل هنا: كل ما يثبت، لولا الدليل على خلافه. و بعبارة أخرى: ما يدل على ثبوت شيء لو لا الدليل على خلافه، و من الدليل: ما يدل على ثبوت شيء مطلقا.
و الفرق: أنّ الأول لا يعارض دليلا أصلا، سواء كان موضوع الدليل أعم من موضوعه مطلقا، أو من وجه، أو أخص. و الثاني: يعارض مع الأدلة، و يعمل حين التعارض بما يقتضيه التعادل و التراجيح.
مثلا قوله (عليه السلام): «كل ماء طاهر» دليل على طهارة الماء. فإذا ورد: «كل شيء نجس» يتعارضان، و الأول أخص مطلقا، فيخصص الثاني به.
و إذا ورد: «كل شيء ملاق للنجاسة نجس» يتعارضان بالعموم من وجه، و محل التعارض: الماء الملاقي للنجاسة، فيعمل فيه بمقتضى التراجيح.
و إذا ورد: «كل ماء ملاق للنجاسة نجس» يكون أخص مطلقا من الأول، فيخصصه.
و أما قوله (عليه السلام): «كل ماء لم تعلم نجاسته فهو طاهر» أو «كل ماء طاهر حتى يعلم أنّه نجس» فهو دليل على أصالة طهارة الماء، لا على طهارته، فهو دليل على الأصل [1]، و لا يعارض شيئا من المذكورات، فإنّ كلّا منها دليل شرعي عام، شامل للماء مطلقا، أو الماء الملاقي للنجاسة، فهو يكون معلوم النجاسة، فيكون خارجا عن مدلول كل ماء لم تعلم نجاسته، و يكون الماء معلوم النجاسة حينئذ.
و يعلم كون شيء من باب الدليل أو الأصل، بكونه مقيّدا بعدم الدليل على خلافه و مطلقا، فإن كان مقيّدا، فهو من باب الأصل، كأصل البراءة و الحقيقة و أمثالهما، فإنّه ليس هناك دليل دالّ على براءة ذمّة كل أحد من التكاليف، و لا على كون كل لفظ مستعملا في معناه الحقيقي، بل الثابت: هو براءة الذمة ما لم يعلم الشغل، و الاستعمال في الحقيقة ما لم يعلم التجوّز، و لو كان هناك دليل