الحارث القزويني قال: كنت مع أبي بسرّ من رأى و كان أبي يتعاطى البيطرة في مربط أبي محمّد (عليه السلام) قال: و كان عند المستعين بغل لم ير مثله حسنا و كبرا و كان يمنع ظهره و اللّجام و السرج، و قد كان جمع عليه الرّاضة، فلم يمكن لهم حيلة في ركوبه، قال: فقال له بعض ندمائه: يا أمير المؤمنين ألا تبعث إلى الحسن بن الرّضا حتّى يجيء فإمّا أن يركبه و إمّا أن يقتله فتستريح منه، قال: فبعث إلى أبي محمّد و مضى معه أبي فقال أبي: لمّا دخل أبو محمّد الدّار كنت معه فنظر أبو محمّد إلى البغل واقفا في صحن الدّار فعدل إليه فوضع بيده على كفله، قال: فنظرت إلى البغل و قد عرق حتّى سال العرق منه، ثمّ صار إلى المستعين فسلّم عليه فرحّب به و قرّب، فقال: يا أبا محمّد ألجم هذا البغل فقال أبو محمّد لأبي: ألجمه يا غلام، فقال المستعين: ألجمه أنت، فوضع طيلسانه ثمّ قام فألجمه ثمّ رجع إلى مجلسه و قعد، فقال له: يا أبا محمّد أسرجه، فقال لأبي: يا غلام أسرجه فقال: أسرجه أنت فقام ثانية فأسرجه و رجع فقال له: ترى أن تركبه؟ فقال: نعم فركبه من غير أن يمتنع عليه ثمّ ركضه في الدّار، ثمّ حمله على الهملجة فمشى أحسن مشي يكون، ثمّ رجع و نزل فقال له المستعين: يا أبا محمّد كيف رأيته؟ قال:
يا أمير المؤمنين ما رأيت مثله حسنا و فراهة و ما يصلح أن يكون مثله إلّا لأمير- المؤمنين قال: فقال: يا أبا محمّد فانّ أمير المؤمنين قد حملك عليه، فقال أبو محمّد لأبي:
يا غلام خذه فأخذه أبي فقاده.
[الحديث الخامس]
5 عليّ، عن أبي أحمد بن راشد، عن أبي هاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي
<قوله>: و كان عند المستعين بغل)
(1) المستعين باللّه اسمه أحمد بن المعتصم بن هارون خرج عليه ابن اخيه المعتز بن المتوكل بن المعتصم، و قتله سنة اثنتين و خمسين و مائة عاش خمسا و ثلاثين سنة و زمان حكومته تسع سنين و تسعة أشهر.
قوله: و قد كان جمع عليه الراضة)
(2) فى بعض النسخ الرواض، راض المهر رياضا و رياضة ذلّله فهو رائض و الجمع رواض و راضة و أصلها روضة مثل طلبة قلبت الواو ألفا.
قوله: ثم حمله على الهملجة)
(3) الهملجة مشى الهملاج، من البرادين، و هو مشى سهل كالرهوجة فارسى معرب.
قوله: و فراهة)
(4) دابة فارهة أى نشيطة حادة حاذقة قوية. و قد فرهت فراهة و فراهية.