اسم الکتاب : شبابنا ومشاكلهم الروحية المؤلف : الهاشمي، السيد كامل الجزء : 1 صفحة : 57
فللسالك أن لا يغتر بمكايد الشيطان في هذا المقام ولا يحتجب بكثرة العلم وغزارته ، ولا بقوة البرهان عن الحق والحقيقة ويتأخر عن السير في الطلب وله أن يشمر الذيل بهمته ، ولا يغفل عن الجد في طلب المطلوب الحقيقي حتى ينال المقام الثاني ، وهو أن كل ما أدركه عقله بقوة البرهان والسلوك العلمي يكتبه بقلم العقل على صحيفة قلبه كي يوصل ذل العبودية وعز الربوبية إلى القلب ويفرغ من القيود والحجب العلمية) .
النقطة الثانية : حقيقة العالم الغيبي .
أكثر الناس تؤمن بوجود عالم غيبي يختلف في خصائصه ومميزاته عن عالمنا المادي الذي نعيش فيه ونشعر به بالفعل ، ومنذ أن خلق الله تعالى الإنسان خلقه بجنبة روحية يتطلع من خلالها إلى العالمين الغيبي والروحي ، وقد أشار تعالى إلى البعد الروحي الذي يتمتع به الإنسان حينما قال : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) (السجدة : 7 ـ 9) .
ومن خلال الجنبة الروحية كان الإنسان على الدوام يسعى للتعرف على حقيقة العالم الغيبي الذي يشعر الإنسان بأن روحه ونفسه تنتميان إليه وتشتاقان للارتباط به ، وقد كانت مهمة الأديان السماوية هي ربط الإنسان بهذا العالم وتوثيق علاقته به من خلال الإفصاح عن بعض حقائق هذا العالم وموجوداته ، وربما وُفِق البعض من الناس ، كالفلاسفة