اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 253
و السماوات بأركانها و الأرض بأرجائها و الأشجار بأغصانها و الحيتان و لجج البحار و الملائكة المقرّبون و أهل السماوات أجمعون، أيّها الناس أصبحنا مطرودين مشردّين مبعدين عن الأمصار كأنّا أولاد ترك و كابل من غير جرم اجترمناه و لا مكروه ارتكبناه، و اللّه لو أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما ازدادوا على ما فعلوا بنا، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها و أوجعها و أفجعها [1].
و روي عن الصادق (عليه السّلام): أنّ زين العابدين (عليه السّلام) بكى على أبيه أربعين سنة صائما نهاره قائما ليله، فإذا حضر الإفطار جاء غلامه بطعامه و شرابه فيقول: كل يا مولاي فيقول: قتل ابن رسول اللّه جائعا، قتل ابن رسول اللّه عطشانا، فيكرّر ذلك و يبكي حتّى يبل طعامه من دموعه ثمّ يمزج شرابه بدموعه، فلم يزل كذلك حتّى لحق باللّه عزّ و جلّ.
و روي أنّه قال له: يا سيّدي أما آن لحزنك أن ينقضي و لبكائك أن يقلّ؟
فقال لي: ويحك إنّ يعقوب كان نبيّا ابن نبيّ كان له اثنا عشر ابنا، فغيّب اللّه سبحانه واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغمّ و ذهب بصره من البكاء و ابنه حيّ في دار الدّنيا، و أنا فقدت أبي و أخي و سبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني و يقلّ بكائي؟ [2]
و عن الرضا (عليه السّلام) تقريرا: أنّ زين العابدين (عليه السّلام) كان في حبس ابن زياد و قد أمكنه اللّه تعالى، فخرج و ولّى تجهيز أبيه الحسين (عليه السّلام) لأنّ الإمام لا يلي أمره و دفنه إلّا إمام مثله.
و في الكافي عن عبد اللّه الأودي قال: لمّا قتل الحسين (عليه السّلام) أراد القوم أن يوطئوه الخيل.
فقالت فضّة لزينب: يا سيّدتي إنّ سفينة كسرت به في البحر فخرج به إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال: يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللّه، فهمهم بين يديه حتّى وقفه على الطريق و الأسد رابض في ناحيته، فدعيني أمضي إليه فأعلمه ما هم صانعون غدا، قال: فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث فرفع رأسه، ثمّ قالت: أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد اللّه؟