اسم الکتاب : رياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 252
عليهم نساء تلك القرى و تلاقوا بالبكاء و الحزن و اللطم و أقاموا المآتم المقرحة للأكباد [1].
و عن أبي حبّاب الكلبي قال: حدّثنا الجصّاصون قالوا: كنّا نخرج إلى الجبّانة في الليل عند مقتل الحسين (عليه السّلام) فنسمع الجنّ ينوحون عليه فيقولون، شعر:
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود* * * أبواه من عليا قريش جدّه خير الجدود
فانفصلوا من العراق إلى المدينة، فلمّا قرب عليّ بن الحسين (عليه السّلام) من المدينة ضرب فسطاطه و نزل و قال: يا بشير رحم اللّه أباك لقد كان شاعرا، فهل تقدر على شيء منه؟
قلت: بلى إنّي شاعر، قال: فادخل المدينة وانع أبا عبد اللّه، قال: فدخلت المدينة راكبا، فلمّا بلغت مسجد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) رفعت صوتي بالبكاء و قلت شعر:
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها* * * قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلا مضرّج* * * و الرأس منه على القناة يدار
ثمّ قلت: هذا عليّ بن الحسين مع نسائه نزلوا بساحتكم و أنا رسوله إليكم أخبركم بقدومه، فما بقيت في المدينة مخدّرة إلّا برزن من خدورهنّ مكشوفة شعورهنّ مخمّشة وجوههنّ ضاربات خدودهنّ، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم و سمعت جارية تنوح على الحسين و تقول، شعر:
فعيناي جودا بالدموع و اسكبا* * * وجودا بدمع بعد دمعكما معا
على من دعى عرش الجليل فأفزعا* * * فأصبح هذا المجد و الدّين أجدعا
على ابن نبيّ اللّه و ابن وصيّه* * * و إن كان عنّا شاحط الدار شسعا
فخرج الناس من المدينة إلى عليّ بن الحسين، فأتيت إليه و هو داخل الفسطاط فخرج يبكي و ارتفعت أصوات الناس بالبكاء، فأشار إلى الناس بالسكوت. ثمّ خطب و قال في خطبته: أيّها الناس إنّ للّه و له الحمد ابتلانا بمصائب جليلة و ثلمة في الإسلام عظيمة؛ قتل أبو عبد اللّه و عترته و سبي نساؤه و صبيته و داروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، فأيّ عين منكم تحبس دمعها عن انهمالها فلقد بكت السبع الشداد لقتله و بكت البحار بأمواجها