و عدم اعتبار العوض في ماهيّة الطلاق لا ينافي اعتبار العوض في بعض أفراده، كما أنّ اعتبار العوض في الهبة المشروطة بالعوض لا ينافي كونها هبة، فإذا وهبت الزوجة شيئا لزوجها و شرطت عليه تطليقها بعوضه، فإن كانت غير مدخول بها مثلا، فهذا بعينه أحد أقسام الطلاق البائن المعهودة، لا أنّه قسم آخر.
و هكذا لو كانت مدخولا بها و من ذوات الإقراء، و لها غرض صحيح في التطليق و إن لم تحصل البينونة معه و جاز له الرجوع، فهذا فرد من الرجعي، و هكذا ممّا أشرنا إليه سابقا.
فلو استأجر زيد دار عمرو بألف في مدّة عشرين سنة، و شرط عليه أن يبيعه فرسه بمائة نقدا، فلا ريب في صحّة هذا الشرط و صحّة البيع، و ليس لأحد أن يقول بأنّ أقسام البيع في الفقه محصورة، مثل بيع النقد و النسيئة و السلف و المساومة و المرابحة و المواضعة، و لم يذكر من جملتها البيع المشروط في ضمن عقد الإجارة، فإنّ هذا بيع، بل من جملة بيع النقد، و لا ضرورة إلى عدّه قسما على حدة، و هكذا، و اعتبار التراضي هنا ليس من جهة أنّه طلاق، حتّى ينافي عدم اعتبار التراضي فيه مطلقا من جهة أنّه تراض بجعله عوضا عمّا بذلته مثلا.
و أمّا ما ذكر أنّه لا سبيل إليه من جهة سائر العقود: فقد عرفت الوجه في إفادة العقد السبيل إلى ذلك مفصّلا إمّا من جهة العمومات العامّة، كقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[1] أو العمومات الخاصّة، كالهبة و الصلح و غيرهما.
بيان لبّ الكلام و تنقيح المرام
و لبّ الكلام في هذا المقام أنّ الخلع هو فكّ النكاح عن الزوجة الكارهة لزوجها منفردة إلى حدّ يخاف معه ترك حدّ من حدود اللّه بفدية، فكأنّها أسير تفتدي نفسها