و ثمرة ذلك في الخلع و إن كانت خفيّة؛ لجواز زيادة العوض في ماهيته إلى أيّ قدر تراضيا عليه، و لكنّها تظهر في المباراة في غاية الوضوح؛ لأنّه لا يجوز فيها أخذ ما زاد عن المهر.
فلو عقدا بينهما عقدا على أن يباريها بعوض ليزيد في العوض، فتقول المرأة:
«بذلت لك ألفا على أن تباريني و تطلّقني طلاق المباراة» و المفروض كون مهرها مائة، ففائدة هذا العقد تملّك الألف، و صيرورة هذا الطلاق بائنا يحصل من أصل المباراة، و تملّك الألف إنّما حصل بالطلاق بالعوض.
و الحاصل أنّ ذكر أقوال العلماء في هذا المضمار، و التمسّك بأنّهم لم يذكروا في طيّ ذكر أقسام الطلاق، الطلاق بعوض لا جدوى فيه أصلا.
و نحن لا نقول بأنّه قسم على حدة من أقسام الطلاق، بل هو عقد مستقلّ وقع على الطلاق أو قسم من أقسام العقود المتداولة مثل الصلح و الهبة و غير ذلك، فليتدبّر.
و مثل عبارة ابن إدريس في الظهور في مراد المستدلّ، بل و أظهر منه عبارة الشيخ أحمد بن المتوّج البحراني تلميذ فخر المحقّقين (رحمه اللّه) فقد نقل عنه أنّه قال في كتاب الآيات و الأحكام: «و أمّا الطلاق بفدية: فهو أن تقول الزوجة للزوج: طلّقني على كذا، فيقول هو على الفور: فلانة على كذا طالق، و هذا إن وقع في حال الكراهة منها لفظه لفظ الطلاق بفدية، و معناه خلع، و يحلّ له أخذ ما بذلته من غير حدّ، و إن وقع في حال كون الكراهة منهما فلفظه لفظ طلاق الفدية، و معناه المباراة، فلا يحلّ له أن يتجاوز في الفدية قدر ما وصل إليها». انتهى، فإنّ هذا ظاهر في انحصار الطلاق بعوض في الخلعين.
أقول: و لعلّه أراد الطلاق بفدية المذكور في القرآن، و لا ريب أنّه منحصر فيهما، أو أنّه أيضا أراد منه ما كانت الفدية داخلة في ماهيّته، كما ذكرناه في طيّ عبارة ابن إدريس.