و عدّوا من جملة أقسام البائن الخلع و المباراة ما لم ترجع في البذل، و لم يذكر واحد منهم الطلاق بعوض، فهذا إجماع منهم بأنّه لا أصل له.
أقول: و هو كذلك، و لكنّه عدم ذكره من جملة أقسام الطلاق لا يدلّ على عدم جواز جعل الطلاق عوضا في شيء من العقود، كما مرّت إليه الإشارة.
و نحن نذكر أوضح تلك العبارات في مراد المستدلّ بهذه الطريقة، و نجيب عنها، و هي عبارة ابن إدريس.
قال في السرائر: «الطلاق على ضربين: رجعي و بائن، فالبائن على ضروب أربعة: طلاق غير المدخول بها، و طلاق من لم تبلغ المحيض، و من جاوزت خمسين سنة مع تغيّر عادتها، و كلّ طلاق في مقابلة بذل و عوض من المرأة، و هو المسمّى بالخلع و المباراة».
ثمّ قال: «فأمّا الرجعي: فهو أن يطلّق المدخول بها واحدة، و يدعها تعتدّ، و تجب عليه السكنى لها و النفقة و الكسوة، و لا يحرم عليه النظر إليها أو وطؤها، و يحرم عليه العقد على أختها، و على خامسة» [1] إلى آخر ما ذكره.
أقول: و يرد عليه أنّ مراد ابن إدريس أنّ من جملة أقسام البائن هو كلّ طلاق في مقابلته عوض في حدّ ذاته و ماهيّته، و نحن نسلّم أنّ ذلك منحصر في الخلع و المباراة، و أمّا ما كان العوض بجعل الجاعل: فليس قسما برأسه من أقسام الطلاق، و هو يشمل جميع أقسام الطلاق، فإنّ مرادنا ما يمكن أن يجعل كلّ واحد من أقسام الطلاق التي تنوّعت بسبب اختلاف الفصول في مقابل العوض حتّى الخلع و المباراة، و ثمرته صحّة البذل و جواز أخذ العوض بسبب هذا العقد، و لا حاجة في ذلك إلى التزام إثبات البينونة به، و إن كان يمكننا إثبات ذلك أيضا، حتّى في الطلاق الرجعي كما بيّنّاه.