منهما معنى حقيقيّ كلّي، ف«الطلاق» معناه هو إزالة النكاح بلفظ «طالق»، و «بعوض» معناه كون ذلك في مقابل شيء آخر.
و لا ريب أنّ هذا المعنى مباين للخلع، أو أعمّ منه مطلقا، فكيف يكون أخصّ من الخلع حتّى يصير قسما من أقسامه؟!
و إن قلت: إنّ بينهما عموما من وجه، فهو أيضا يكفينا؛ لأنّ كون الطلاق بعوض أعمّ من الخلع من وجه يستلزم لوجود فردا آخر له غير الخلع، فمراد الجماعة إخراج ذلك الفرد الآخر.
و إن قلت: للطلاق بعوض بالمعنى الإضافي معنى كلّي لا فرد له كشريك الباري و لكنّه استعمل مجازا في الخلع بناء على عدم استلزام المجاز الحقيقة، فهو قول بالنقل عن معناه الإضافي عرفا و لغة، و الأصل عدمه، و مع هذا فيصير احتراز هؤلاء الفحول عنه في تعريف الخلع يصير لغوا؛ إذ هو احتراز عمّا لا وجود له و لا ثمرة فيه، و تبرئة ساحة هؤلاء الفحول عن مثل ذلك لازمة.
و ان اعتبرنا المعنى العلمي بأن نقول: لفظ «الطلاق بعوض» إنّما وضع للخلع، فهو من أقسام الخلع، بمعنى أنّه من الألفاظ الموضوعة له المرادفة للفظ «الخلع»، فمع أنّ الأصل عدمه، لا معنى للاحتراز عن المرادف، و هو كما لو وضع عمرو زيدا لابنه و كنّاه بأبي عبد اللّه، و يقال: زيد هو الولد الذي ولد لعمرو و سمّاه بزيد محترزا بقيد تسميته بزيد عن أبي عبد اللّه، فهو في معنى أنّ لفظ «زيد» غير لفظ «أبي عبد اللّه».
و هو- مع ما قدّمناه سابقا من أنّ الحدود إنّما هي للماهيّات، و الاحتراز في قيودها أيضا إنّما يكون عن الماهيات- لا يليق مثل هؤلاء الأعاظم ممّن نقلناه عنهم و ممّن سننقل عنهم من الخاصّة و العامة، فكيف يجتزى بحمل كلام مثلهم على مثله، و يقال:
هذا نزاع لفظي.
هذا ما يتعلّق بما نقلناه عن المحقّق، و في كلامه و كلام العلّامة في كتبهما أيضا إشارات لا تخفى على المتتبّع.