الصحّة، و إن حصل له التردّد و التشكيك بعد التفطّن، و نظائر ذلك كثير:
منها: أنّ المسافر إذا قصد ثمانية فراسخ لزيارة أخيه في رأس الثمانية، و لا غرض له سوى ذلك، فإن خرج و قطع برهة من المسافة، فإذا بأخيه يجيء إليه و صادفه و رجع، فوجوب القصر عليه إنّما هو لجزمه بالذهاب إلى منتهى المسافة، و لو كان أحد يقول له في أوّل المسافة: «إن صادفت أخيك بين الطريق ترجع أم لا؟» يقول: نعم، فإنّ تكليفه القصر ما دام جازما في البادئ، و هو المناط.
و كذلك الأمر في إيجاب العقود، فإنّ البائع حين الإيجاب جازم بأنّه يقبل، و ليس له تردد حتّى يحصل له تعليق في نظره، و إن لم يكن تصريح في اللفظ.
و لو جهل الحال و حصل التداعي، فالمناط هو صورة الجزم، فمدّعي خلافه مدّع، و يقدّم قول منكر الشكّ على ظاهر الحكم.
ثمّ قال (رحمه اللّه) في بيان الفرق و بطلان التعليق في الأمثلة المذكورة: «إنّه يريد في الأمثلة المذكورة مضافا إلى كونها معلّقة على القبول أنّها معلّقة على شيء آخر، و هو المشيئة، و يزيد عليه في قوله: «إن أعطيتني» أنّه قابل لأن يكون الإعطاء عوضا عن الطلاق، كما هو مقتضى الخلع أو غيره».
ثمّ قال (رحمه اللّه): «بقي البحث في تعليق الاستدعاء على الشرط، و قد تقدّم القول بجوازه.
و في التحرير: لو قالت إن طلّقتني واحدة فلك عليّ ألف، و طلّقها، فالأقرب ثبوت الفدية [1]، و هو تعليق محض، إلّا أن يقال بأنّ الاستدعاء يتوسّع فيه، و من ثمّ لم يختصّ بلفظ، بخلاف الخلع الواقع من الزوج.
و في الحقيقة كلّ لفظ يتقدّم منهما فهو معلّق على الآخر، و من ثمّ قلنا: إنّه مع تأخير القبول من جانبها يكون في الخلع شائبة الشرط، إلّا أنّهم اعتبروا في نفس