مع أنّ فهم الفقهاء عصرا بعد عصر في جميع أبواب الفقه أعظم شاهد على ذلك.
و لم نقف على من قدح في ذلك، بل يظهر من تأويلهم بعض الأخبار المذكور فيه هذا اللفظ في بعض الشروط، و حملهم على الاستحباب أنّ الأصل فيه الوجوب، مثل موثّقة منصور بن يونس، عن أبي الحسن (عليه السلام) الدالّة على لزوم العمل بمقتضى شرط الزوج لزوجته ألا يطلقها، و أن لا يتزوج عليها، مستندا إلى قول رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله): «المسلمون عند شروطهم» [1] فإنّ الشيخ حملها على الاستحباب.
و أمّا الثاني [أي طريق الخاصّة]: فكثير:
منها: صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليه السلام)، قال سمعته يقول: «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه عزّ و جلّ فلا يجوز و لا يجوز، على الذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب اللّه عزّ و جلّ» [2].
و ممّا يدلّ على إرادة الوجوب قول عليّ (عليه السلام) في رواية إسحاق بن عمّار أنّه كان يقول: «من شرط لامرأته شرطا فيلف لها به؛ فإنّ المسلمين عند شروطهم، إلّا شرطا حرّم حلالا، أو أحلّ حراما» [3].
المقدمة الثالثة: في بيان أقسام المفارقة بين الزوجين
إنّ المفارقة بين الزوجين إمّا تحصل بالفسخ، كما في المفارقة بسبب ثبوت رضاع بينهما، أو بالعيب، أو بالارتداد، و نحوها، و إمّا بالطلاق، و هو إزالة قيد النكاح بينهما بلفظ «طالق» مجرّدا، أو بالخلع، أو المباراة، أو بغيرهما كالظهار و اللعان.
ثمّ إنّ الفقهاء بوّبوا لكلّ منها بابا، فجعلوا بابا للطلاق، و عرّفوه ب«أنّه إزالة قيد
[1]. تهذيب الأحكام 7: 371، ح 1503؛ الاستبصار 3: 232، ح 835؛ وسائل الشيعة 15: 30، أبواب المهور، ب 20، ح 4؛ عوالي اللآلي 1: 235، ح 84 و ص 293، ح 173 و ج 2: 275، ح 7 و ج 3: 217، ح 77.
[2]. الكافي 5: 169، ح 1؛ تهذيب الأحكام 7: 22، ح 94؛ وسائل الشيعة 12: 353، أبواب الخيار، ب 6، ح 1.
[3]. تهذيب الأحكام 7: 467، ح 1872؛ وسائل الشيعة 12: 353، أبواب الخيار، ب 6، ح 5.