ثمّ قال: بعد كلام طويل لا طائل في ذكره: «و ظاهر الآية يقتضي كلّ عقد سوى ما كان تركه قربة أو واجبا» [1].
ثمّ إنّك يمكنك الاستئناس بما ذكرنا بوجه عدم الوفاء بالوعد كما هو المشهور بين الأصحاب، و إن وردت بوجوبه رواية صحيحة، و بوجه عدم لزوم المعاطاة، و إن قلنا بتسميته بيعا، و إليه تشير إضافتهم العقد إلى البيع، و ما تقدّم من كلام الجوهري في عقد [2] البيع؛ إذ ليس فيها ميثاق، فإنّ الصيغة بمنزلة التوثيق في البيع و النذر و العهد المصطلح و غيرهما.
و كذلك يمكن الحكم بلزوم كلّ معاوضة ماليّة حصل العقد فيها و أجرى الصيغة، كما لو عاوض فرسا ببقر أو ضيعة ببستان، فإنّ اندراجها في البيع، و إن أمكن بجعل أحدهما ثمنا و الآخر مثمنا، و يكون الثمن ما دخل عليه حرف الباء.
و لكن لمّا كان الغالب أنّ الثمن إنّما هو من النقود في غير بيع الصرف من بيع سائر الأجناس، فسلب اسم البيع في العرف، بحيث إذا قيل لمن عامل فرسه ببقر:
بعت فرسك؟ يقول: لا، بل عاوضته ببقر، مبنيّ على هذه الغلبة، و إلّا فالظاهر أنّه بيع، و يجوز إدخال الباء على كلّ منهما، و يكفي صدور القبول بعد الإيجاب من أحدهما، و لا يلزم أن يقول الآخر أيضا: عاوضت بقري بفرسك.
و إن شئت جعلته من أقسام البيع؛ إذ لا يجب أن يكون الإيجاب بلفظ البيع و الشراء، بل يجوز بكلّ ما يفيد التمليك.
و إن شئت جعلته معاملة برأسها، ثابتة صحّتها و لزومها بعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[3].
فيحمل مثل قوله تعالى: وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ[4] على مطلق
[1]. نقله عنه في روح المعاني 6: 49؛ تفسير المراغي 6: 43.