و إن أراد منه المجوّزة، فلا، إنّما هو ترغيب، فيكون من باب الإرشاد و الأمر بالمعروف.
كلام البيضاوي و الزمخشري في معنى الآية
و قال البيضاوي: «الوفاء: هو القيام بمقتضى العقد، و كذلك الإيفاء، و العقد: العهد الموثّق، قال الحطيئة:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم * * * شدّوا العناج و شدّوا فوقه الكربا [1]
و أصله الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال، و لعلّ المراد بالعقود الّتي عقدها اللّه تعالى على عباده و ألزمها إيّاهم من التكاليف و ما يعقدون بينهم من عقود الأمانات و المعاملات و نحوها ممّا يجب الوفاء به أو يحسن إن حملنا الأمر على المشترك بين الوجوب و الندب» [2].
أقول: و في كلامه تهافت؛ لأنّ قوله: «ممّا يجب الوفاء»- إلى آخره- إن كان بيانا لمجموع ما سبق، فلا يلائم كلمة «ألزمها» سابقا.
و إن قال: إنّ المراد بالإلزام إيجاب العمل على مقتضاها، ففي بعضها بالوجوب كالإيمان و الصلاة و الزكاة، و في بعضها بالندب كالعبادات المندوبة.
و الحاصل أنّه ألزم على عباده اعتقاد الوجوب في الواجب، و الندب في المندوب و الإباحة في المباح، و هكذا، فلا يتمّ قوله: «إن حملنا الأمر على المشترك» لصحّة الحمل على الوجوب بالمعنى المتقدّم.
و إلى ذلك ينظر كلام الزمخشري حيث قال بعد ما نقلنا عنه على ما نقل عنه: «إنّ هذه الآية كلام قد تمّ مجملا، ثمّ عقّب بالتفصيل، و هو قوله: أُحِلَّتْ لَكُمْ[3]. الآية،