الرخصة و جواز ما يفعلون، و يلزمه أن يصير كلّما كان عندهم على وجه اللزوم لازما، و على الوجه الجواز جائزا. و لكن هذا يحتاج إلى تتبّع أحوال أهل العرف و متابعتهم في اللزوم و الجواز، و لا يثبت من الآية عموم الوجوب و اللزوم.
[الأمر] الثالث:
أنّ المراد أن ما جوّزنا لكم و حلّلناه و رتّبنا عليه الثمرة من العقود فيجب عليكم الوفاء بمقتضاه، مثل أنّ عقد البيع في العرف كان هو نقل عين بعوض معلوم، و صحّحه الشارع و جوّزه، و رتّب عليه الثمرة التي أراد بقوله: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ[1].
و مثل عقد المضاربة الذي جوّزه بقوله: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ[2] ثم قال: أوفوا به، يعني يجب الوفاء على مقتضاه من النقل، بمعنى استمرار ملكيّة الطرفين لما ملكاه، فهذا يثبت اللزوم في جميع العقود المجوّزة.
و أمّا العقود الممنوعة كالربا و الميسر و غيرهما: فلا معنى لوجوب الوفاء فيها.
[الأمر] الرابع:
أنّ المراد أنّ ما بيّنّا لكم جوازه من العقود و شرعنا و ميّزنا اللازمة منها عن الجائزة، و الراجحة عن المرجوحة، فاوفوا بها على مقتضاها، فاعتقدوا لزوم اللازمات، و اعملوا بمقتضاها، و جواز الجائزات، و اعملوا بمقتضاها.
و هكذا أوفوا بجميع العهود الموثّقة و المواثيق المحكمة من الإيمان باللّه و اليوم الآخر، و بتحليل ما أحلّ، و تحريم ما حرّم، و العمل على مقتضى ما فرضه من الفرائض و الأحكام و الحدود.
فتكون الآية من باب الإرشاد و الوعظ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لا من باب إنشاء الحكم و إحداثه.
فعلى المعنى الأوّل تكون الآية مؤسسة للحكم، فمقتضاه حليّة كلّ عقد و ترتّب