فيجوز ردّ كلّ منهما ما في يده إلى الآخر مع استرداد ما كان له أوّلا بدون رضا الآخر، فمقتضى أصل البراءة و الإباحة جواز المعاقدة، و جواز اعتقاد التملّك بها، و جواز التصرّف المالكي في كلّ من الطرفين.
و أمّا ثبوت الملكيّة الواقعيّة في نفس الأمر، و عدم جواز الأخذ منه مع ردّ عوضه إليه بدون رضاه و أمثال ذلك: فيتوقّف على حكم الشرع، و هو معنى الصحّة.
بيان محتملات الآية الشريفة
فلنرجع إلى تفسير الآية، و بيان محتملاتها، فنقول: محتملات الآية أمور:
[الأمر] الأوّل:
أنّ المراد بيان وجوب العمل على مقتضى كلّ عقد يعقدونه مطابقا لحكم العقل بحسن الوفاء بالعهد و الشرط كما يشير إليه قوله (عليه السلام): «المؤمنون عند شروطهم» [1] فهذا إيجاب للوفاء بكلّ عهد و شرط إلّا ما خرج بالدليل.
فالآية- بمقتضى دلالة الصيغة على الوجوب- تفيد اللزوم، و هو مستلزم لتشريعه و تسنينه، فهناك الأصل في اللزوم إنّما ظهر من الشرع، و هذا يثمر في مجهول الحال، و لا يجب تتبّع أحوال أهل العرف في أنّ بناءهم كان على اللزوم أو الجواز.
فثبت من الآية أصل الرخصة و الإيجاب و اللزوم إلّا أن يثبت المنع و الاستحباب و عدم اللزوم من الخارج.
[الأمر] الثاني:
أنّ المراد بيان الصحّة و ترتّب الثمرة التي كانت منظورة للمتعاقدين، يعني كلّما تتعاقدون عليه بينكم فقد أجزته و رتّبت عليه الثمرة التي تريدون منه، فصار شرعيا؛ بأن يكون الأمر من باب دفع الحظر، و إثبات محض
[1]. تهذيب الأحكام 7: 371، ح 1503؛ الاستبصار 3: 232، ح 835؛ وسائل الشيعة 15: 30، أبواب المهور، ب 20، ح 4؛ عوالي اللآلي 1: 235، ح 84 و ص 293، ح 173 و ج 2: 275، ح 7 و ج 3: 217، ح 77.