محمول على الغالب، و هو صورة الإمكان، بل في صورة تمكّن كلّ واحد منهما لكلّ واحد، و الغالب في الدعاوي أن يكون المدّعى عليه منكرا، و لذلك عبّر في لفظ آخر ب«المنكر»، و المنكر متبادر في العالم بالنفي، لا نافي العلم، فكأنّه قيل: «إذا تمكّن كلّ منهما من البيّنة و اليمين، فالبيّنة وظيفة المدّعي، و لا يكلّف المنكر بتجشّمه و إن تمكّن منه، و اليمين وظيفة المدّعى عليه، فلا يجوز أن يبادر به المدّعي» لا أنّه لا تتمشّى البيّنة من المدّعى عليه أصلا، و لا تنفعه قطعا، و لا اليمين من المدّعي أصلا، و لا ننفعه قطعا؛ لصحة بيّنة الداخل و قبولها.
بل أظهريّتها عندي كما حقّقته في كتاب مناهج الأحكام [1].
و أمّا صحّة يمين المدّعي و نفعها به: فهي أيضا كثيرة، مثل مسألة الدم، و الدعوى على الميّت، و غيرهما.
و بالجملة، القدر المسلّم من كون البيّنة وظيفة المدّعي و اليمين وظيفة المدّعى عليه، إنّما هو مع الإمكان، مع أنّه مخصّص بموارد كثيرة جدّا، و لها تفصيلات عديدة مذكورة في محالّها، فيبقى عموم الأخبار في كون اليمين مثبتة للحقّ بحالها، مع أنّه لو لم نقل بلزوم يمين المدّعي هاهنا، للزم سقوط الدعوى المسموعة بلا شيء، و هو خلاف الحكمة، سيّما بعد ملاحظة كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في صحيحة محمّد بن مسلم الواردة في كيفيّة تحليف الأخرس، أنّه (عليه السلام) قال: «الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بيّنت للأمّة جميع ما تحتاج إليه». [2] الحديث.
فعموم تلك الأخبار كاف في إبلاغ حكم مثل ذلك.
فإذا فقدت البيّنة و لم يمكن اليمين للمدّعى عليه، فيكتفى بيمين المدّعي.
و جملة تلك العمومات مع كون العمل عليها مقتضى الحكمة و تركها خلافها،
[1]. منقول بطرق متعدّدة في وسائل الشيعة 18: 170، أبواب كيفية الحكم، ب 2.