أقول: إن ادّعى المدّعى عليه العلم، فلا إشكال في جواز الحلف على نفي العلم، و به تسقط الدعوى.
و ما ذكروه من الكليّة من لزوم الحلف على البتّ في نفي الفعل لا العلم به إذا كان فعل نفسه، لا دليل عليه، بل المتبادر من الأدلّة هو لزوم البتّ في صورة الإمكان، و إن لم يدّع عليه العلم، فمقتضى الأصل و الأخبار أنّه لا يتوجّه إليه شيء، و لا يجب عليه ردّ اليمين، و لا يردّه الحاكم أيضا على القول بعدم القضاء بالنكول؛ إذ لا معنى للردّ إلّا بعد ثبوت اليمين عليه، و لا شيء يثبتها عليه حينئذ، فلا يجوز للمدّعي أيضا الحلف، و لا يثبت به شيء لو حلف.
و أمّا ما ذكره صاحب الكفاية من جواز الحلف على عدم الاستحقاق: فهو بعيد؛ إذ عدم اشتغال ذمّته شرعا قبل العلم لا يستلزم نفي استحقاق المدّعي في نفس الأمر.
و التحقيق أن يقال: إنّ العمومات الدالّة على أنّ اليمين مثبتة للحقّ، مثل قولهم (عليهم السلام): «أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة، و يمين قاطعة، و سنّة ماضية» [1].
و مثل ما روي عن علي (عليه السلام): «أنّه تعالى قال في جواب نبي من الأنبياء شكا إلى ربّه القضاء: اقض بينهم بالبيّنات، و أضفهم إلى اسمي» [2] تكفى في ذلك؛ إذ العامّ المخصّص حجّة في الباقي على التحقيق.
فالخبر المتواتر المفصّل بأنّ «البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه» [3]
[2]. الكافي 7: 432، ح 20؛ تهذيب الأحكام 6: 287، ح 796؛ الخصال: 155، ح 195؛ وسائل الشيعة 18: 168، أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى، ب 1، ح 6. و في آخر الحديث زيادة «من أئمّة الهدى».
[3]. الكافي 7: 414 ح 3، تهذيب الأحكام 6: 228، ح 551؛ وسائل الشيعة 18: 167، أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى، ب 1، ح 2.