و أمّا الإقرار- «فلمّا كان هو قول مسلم لا يزاحمه غيره؛ لأنّه في الحقيقة إقرار على النفس، كما مرّ بيانه، و مع ذلك فمعتضد بملاحظة أنّ العاقل لا يكذب على نفسه فيما يضرّه»-: فهو مسموع؛ لمقتضى أصالة صدق قول المسلم.
فالإقرار في مقابل الدعوى، فإنّه إخبار بضرر النفس، و هي إخبار بضرر الغير.
و قد يطلق الإقرار على الدعوى، و لا ريب أنّه أيضا من باب المشاكلة، و لذلك تراهم يقولون: جواب المدّعي إما إنكار أو إقرار أو سكوت.
المقدّمة الثالثة: في بيان أقسام الإقرار
الإقرار قد يكون بلفظ صريح فيه يدلّ عليه مطابقة، كقوله: «له عليّ درهم».
و قد يكون بلفظ يدلّ عليه تضمّنا أو التزاما، مثل أن يقول له: «أ ليس عليك كذا؟» فقال: «أقبضتك أو وهبته أو بعته» فيصير مقرّا و ينقلب مدّعيا.
فقد يكون شيء في صورة الدعوى، فيكون إقرارا من وجه، أو يصير إقرارا من جهة.
و كذلك قد يكون شهادة تستلزم الإقرار من وجه، أو تصير إقرارا في زمان آخر، و هكذا، و لذلك قد تراهم يطلقون الإقرار على الشهادة أو الدعوى، فلنذكر بعض المواضع:
قال العلّامة في القواعد: «و لو أقرّ بحريّة عبد في يد غيره، لم يقبل، فإن اشتراه صحّ؛ تعويلا على قول صاحب اليد، و الأقرب أنّه فداء في طرفه، بيع في طرف البائع، فلا يثبت فيه خيار المجلس و الشرط و الحيوان بالنسبة إلى المشتري، كما لا يثبت في بيع من ينعتق على المشتري» [1].
و قال فخر المحققين في شرحه: «الشهادة على الغير بعين في ملكه تكون إقرارا