و حرمة المناكحة و الذبيحة و جواز القتل و السبي و غير ذلك، لا الأحكام الأخرويّة من التعذيب و الخلود في النار.
فالآيات الواردة في العذاب إنّما هي للمقصّرين، و لا استحالة في إثبات أحكامهم الفقهيّة لغير المقصّرين أيضا، كما حكم اللّه بنجاسة الكلب و الخنزير من بين الحيوانات؛ إذ تلك الأحكام من الأحكام الوضعيّة المنوطة بالمصالح الخفيّة، و لا ملازمة بينها و بين الكفر الّذي يوجب العقاب.
ألا ترى أنّ اللّه جوّز بيع الصالح المؤمن المتّقي و شراءه حتّى من رجل فاسق فاجر. فليس جواز سبي الكافر بالمعنى الأوّل- أعني المصاحب للعدم الأزلي الغير المقصّر- أعظم من جواز بيع هذا العبد المؤمن الصالح.
و من ذلك ظهر فساد القول بأنّ الأصل في المسلم التشيّع أو التسنّن.
و أما ما تمسّك به أخيرا من القول بأنّ الأصل الإسلام من أجل النصوص الواردة في «أنّ كلّ مولد يولد على فطرة الإسلام» [1] فالأصل بقاؤه على الفطرة: فهو من غرائب القول، فإنّ هذه الأخبار ليست على ظاهرها جزما، بل المراد منها إمّا الاستعداد و القابلية، بمعنى أنّه لو لم يسنحه سانح من متابعة الآباء و الامهات و حبّ طريقتهم، و التجافي عن التخلية و الإنصاف، لأذعن- بعد الاطّلاع على أدلّة الكفر و الإسلام- للإسلام و مال إليه، و ليس بحيث لا يقبل الإسلام و لا مجبورا بالكفر، أو المراد المفطورية بالإذعان بوجود الصانع أو التوحيد أيضا في الجملة. و أمّا فروع التوحيد من التجريد و نفي التحيّز و نفي القبيح و تمام الصفات و عينيّتها: فكلّا.
و لا ريب أنّ الإسلام ليس محض ذلك، بل هو مع فروع التوحيد، و الإذعان بالرسالة، و خصوص الرسول، و المعاد، و خصوصا الجسماني، و ليس ذلك كلّه فطريا، كما هو معاين.