و يمكن الاستئناس لهذا الاستدلال بما اشتهر أيضا بينهم من أنّ «ما علم كونه وقفا و لم يعلم مصرفه يصرف في وجوه البرّ».
و تنبّه عليه رواية أبي عليّ بن راشد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) قلت:- جعلت فداك- اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم، فلما وفّرت المال خبّرت أنّ الأرض وقف، قال: «لا يجوز شراء الوقوف، و لا تدخل الغلّة في ملكك، ادفعها إلى من أوقفت عليه». قلت: لا أعرف لها ربّا، قال: «تصدّق بغلّتها» [1].
الوجه الثالث:
أنّ هذا ممّا اندرس فيه شرط الواقف، و الأمر متردّد بين اختصاصه بطلبة أهل السنّة، أو الأعمّ، و القول بأنّ الواقف إنّما أراد التخصيص بالأوّل أو التسوية أو الترتيب بمعنى أنّه جوّز إسكان الشيعة بعد فقد أهل السنّة يحتاج إلى دليل و مرجّح.
و الأصل بالنسبة إلى الكلّ مساو، فالتخصيص بالأوّل ترجيح بلا مرجّح، و كذلك الترتيب، فيبقى التعميم و التسوية.
لا يقال: المرجّح هنا هو قرينة المقام، لأنّا قد بيّنّا بطلانه سابقا، فتأمّل جدّا.
بيان ما في كلام السائل من الإشكال
ثمّ إذا ظهر لك حال المدرسة المسئول عنها و حكمها و دليلها على حسب مقتضى الوقت و مساعدة الحال، فلا بأس أن نشير إلى ما في كلمات السائل من الإشكالات و الغفلات، و هي أمور:
[الأمر] الأوّل:
الإشكال الحاصل من جهالة حال الواقف بالخصوص، و السؤال عن أنّ الأصل في الإنسان الكفر أو الإسلام، ثمّ الأصل في الإسلام الإيمان أو الأعمّ.
[1]. الكافي 7: 37، ح 35؛ الفقيه 4: 179، ح 629؛ تهذيب الأحكام 9: 130، ح 556؛ وسائل الشيعة 13: 303، أبواب الوقف، ب 6، ح 1.