و من جملتها: صحيحة عبد اللّه بن سنان، عن الصادق (عليه السلام)، قال: «كلّ شيء يكون فيه حرام و حلال، فهو حلال لك أبدا، حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» [1]، و إن كان الاستدلال بها في شبهة الموضوع أظهر.
و الشبهة في نفس الحكم تكون من جهة عدم الدليل على الشيء، أو من جهة تعارض الأدلّة، فيصير مجهول الحكم.
و الشبهة في الموضوع تكون من جهة اشتباه حكمه الشرعي؛ لأجل الشك في أنّه داخل تحت أيّ القسمين اللذين علم حالهما بالدليل الشرعي، فلو ارتفع الجهل و حصل العلم بكونه أحدهما، فلا يحتاج إلى دليل شرعي آخر في معرفة الحكم، و اتّصاف الأعيان بالحلّ و الحرمة إنّما هو بسبب اتّصاف أفعال المكلّفين المتعلّقة بها بهما. و اتّصاف الفعل بالحلّ و الحرمة إمّا من جهة المتعلّق كالخز و الميتة، و إمّا من جهة الحال و الوقت، كأكل الطعام الحلال على حال خلاء المعدة، و على حال التخمة المضرّة للبدن، و أكل الميتة في حال الاضطرار و المجاعة و في غيرها.
فإذا حصل الشك في المتعلّق أو الحال أو الوقت أنّ الفعل [2] فيها من جملة ما هو حلال أو حرام، فهو يحكم بأنّه حلال حتّى يعرف منه الحرام بعينه.
المقدّمة الرابعة:
التحقيق أنّ أصل البراءة يجري في الأحكام الشرعيّة، و في موضوعاتها، و إن كان من قبيل ماهيّات العبادات، سيّما على القول بأنّها أسام للأعمّ من الصحيحة كما حقّقناه في القوانين [3].
و ما ذكرناه من الحديث يمكن الاستدلال به في تصحيح العبادات أيضا، فإذا ورد من الشارع جواز الصلاة في أجزاء ما يؤكل لحمه و المنع عنها في أجزاء ما لا يؤكل
[1]. الفقيه 3: 216، ح 1002؛ تهذيب الأحكام 9: 79، ح 337؛ وسائل الشيعة 16: 403، أبواب الأطعمة المحرّمة، ب 64، ح 2.